شهد المستوى الفني لكرة القدم العالمية انتكاسة كبيرة عقب مونديال 66 بأنقلترا الذي طغى عليه العنف الذي كان من أبرز ضحاياه بيلي وأزيبيو كما طغى اللعب الدفاعي على أغلب المباريات إضافة إلى ما قام به الانقليز من تجاوزات لتبقى كأس العالم في ديارهم. أمام ما جرى في مونديال 66 اتجهت أنظار العالم إلى مونديال المكسيك 70 وكله أمل في أن تستعيد كرة القدم جماليتها وتسترجع دورها كأحد أهم وسائل الامتاع رغم أن هذه الدورة شهدت غياب خمس منتخبات كبيرة هي المجر والأرجنتين وفرنسا والبرتغال وخاصة اسبانيا بطلة أوروبا سنة 1968. الملك بيلي و«حاشيته» مونديال المكسيك 70 نصب بيلي ملكا أبديا على عرش الكرة في العالم ففي كل مباريات البرازيل كان «الملك» يعبث بكل منافسيه وأكثر من ذلك كان في كل مباراة يبتدع لقطة تخزنها الذاكرة الرياضية العالمية من المراوغة الجسدية بمدافع من البيرو حين ذهب هو في اتجاه معاكس للكرة ثم استدار ليسددها بكل قوة وسط دهشة المدافع وحيرته أيهما يتّبع الكرة أم اللاعب. التسديدة من بعد ما يناهز عن الستين مترا أمام تشيكوسلوفاكيا ليرفعها بالحارس والمدافعين ورغم أن الكرتين لم تستقرا في الشباك إلا أنهما سجلتا كاحدى أفضل الابداعات في تاريخ الكرة. «الملك» كانت له حاشية ممتازة هم زملاؤه آنذاك في «السيلساو» ريفيلينو جايير زينهو توستاو وقد شكلوا معا قوة هجومية ضاربة «فتكت» بأعتى الدفاعات مسجلين 19 هدفا في ستة مباريات أي بمعدل زاد عن الثلاثة أهداف في كل لقاء. ثأر على الميدان البرازيل خرجت في مونديال 66 من الدور الأول وبيلي نال من العنف ما نال الطبل يوم عيد إلا أن منتخب «الصامبا» عزم على الثأر بحسن الأداء فوق الميدان فلم يسلم من «أذاهم» أي منافس وكانت لهم لغة وحيدة في كل اللقاءات هي الفوز وتسجيل أكثر ما يمكن من الأهداف فهزموا تشيكسلوفاكيا (4 1) ورومانيا (3 2) وأنقلترا (1 0) ثم في ربع النهائي سحقوا البيرو (4 1) وفي نصف النهائي هزوا شباك الأوروغواي في ثلاث مناسبات وكان مسك الختام أمام ايطاليا في النهائي ورغم دفاعها «الاسمنتي» الصلب ورغم «الكاتاتشو» التي أعجزت كل المنافسين فإن «الملك» و«حاشيته» أحدثوا البدع في دفاع إيطاليا بكل نجومه امثال سيزاري مالديني ومازولا وفاكاتي الذي كاد بيلي «يقصم» له ظهره في احدى مراوغاته لتهتز شباك «اسكودارا دازورا» في أربع مناسبات عن طريق بيلي وريفيلينو وجرسون وأخيرا كارلوس آلبارتو ليعلق المدرب الفرنسي الشهير رايمون كوبا على هذه المباراة بجملة وحيدة لكنها بليغة قائلا: «انه انتصار الكرة الهجومية على الكرة الدفاعية». رقم 3 بعد أن فازت بكأس العالم في مونديال 58 بالسويد و62 بالشيلي فازت البرازيل بالكأس العالمية رقم 3 في تاريخها آنذاك لتحتفظ نهائيا بالرمز القديم الذي كان يحمل اسم الفرنسي جيل ريمي باعث مسابقة المونديال لكن الرمز الأصلي للكأس لم يعمر في خزائن البرازيل حيث تمت سرقته سنة 1983 وإلى الآن لم يعثر له على أثر لتعوضه في خزينة اتحاد الكرة البرازيلي نسخة مقلدة لكأس جيل ريمي. مباراة القرن رغم تتالي المونديال ورغم تتالي المباريات الهامة بين الكبار إلا أن لقاء إيطاليا وألمانيا في نصف نهائي هذا المونديال حازت عن جدارة لقب مباراة القرن، فالاثارة فيها بلغت أقصى مستوياتها وتقلباتها لم يتحملها ذوو القلوب الضعيفة.. كانت درسا في الانضباط التكتيكي ومحاضرة في النجاعة الهجومية رغم قوة المدافعين في المنتخبين. هذا اللقاء انتهى في وقته القانوني على نتيجة (1 1) وفي الحصتين الاضافيتين سجل جارد مولر لألمانيا (2 1) ثم عدلت إيطاليا (2 2) ثم سجل ريفا هدف التفوق (3 2) وبعد ست دقائق عدل مولر لألمانيا (3 3) وفي الوقت القاتل أعطى ريفيرا الأسبقية لايطاليا (4 3) هذا اللقاء شهد معجزة أخرى كان بطلها فرانز بيكنباور الذي لعب الحصتين الاضافيتين ويده اليمنى مشدودة إلى صدره بعد أن أصيب بخلع في كتفه ليكمل اللقاء رغم ما أحسه من آلام رهيبة. صدفة غريبة بعد استفحال العنف في مونديال 66 ضد أبرز اللاعبين قررت الفيفا استعمال الورقات الحمراء من طرف الحكام في مونديال المكسيك عند قرارهم بإقصاء أي لاعب لكن هذه البطاقة البغيضة لم تشهر في وجه أي لاعب لأن مونديال 70 لم يشهد إقصاء أي لاعب.