تونس تحتفل بعيد الشغل العالمي وسط آمال عمالية بإصلاحات تشريعية جذرية    دوري ابطال اوروبا.. التعادل يحسم مباراة مجنونة بين البرسا وانتر    شهر مارس 2025 يُصنف ثاني الأشد حرارة منذ سنة 1950    يظلُّ «عليًّا» وإن لم ينجُ، فقد كان «حنظلة»...    الاتحاد يتلقى دعوة للمفاوضات    تُوّج بالبطولة عدد 37 في تاريخه: الترجي بطل تونس في كرة اليد    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    قضية مقتل منجية المناعي: إيداع ابن المحامية وطليقها والطرف الثالث السجن    رحل رائد المسرح التجريبي: وداعا أنور الشعافي    القيروان: مهرجان ربيع الفنون الدولي.. ندوة صحفية لتسليط الضوء على برنامج الدورة 27    الحرائق تزحف بسرعة على الكيان المحتل و تقترب من تل أبيب    منير بن صالحة حول جريمة قتل المحامية بمنوبة: الملف كبير ومعقد والمطلوب من عائلة الضحية يرزنو ويتجنبو التصريحات الجزافية    الليلة: سحب مع أمطار متفرقة والحرارة تتراوح بين 15 و28 درجة    عاجل/ الإفراج عن 714 سجينا    عاجل/ جريمة قتل المحامية منجية المناعي: تفاصيل جديدة وصادمة تُكشف لأول مرة    ترامب: نأمل أن نتوصل إلى اتفاق مع الصين    عاجل/ حرائق القدس: الاحتلال يعلن حالة الطوارئ    الدورة 39 من معرض الكتاب: تدعيم النقل في اتجاه قصر المعارض بالكرم    قريبا.. إطلاق البوابة الموحدة للخدمات الإدارية    وزير الإقتصاد يكشف عن عراقيل تُعيق الإستثمار في تونس.. #خبر_عاجل    المنستير: إجماع خلال ورشة تكوينية على أهمية دور الذكاء الاصطناعي في تطوير قطاع الصناعات التقليدية وديمومته    عاجل-الهند : حريق هائل في فندق يودي بحياة 14 شخصا    الكاف... اليوم افتتاح فعاليات الدورة العاشرة لمهرجان سيكا جاز    السبت القادم بقصر المعارض بالكرم: ندوة حوارية حول دور وكالة تونس إفريقيا للأنباء في نشر ثقافة الكتاب    عاجل/ سوريا: اشتباكات داخلية وغارات اسرائيلية وموجة نزوح..    وفاة فنانة سورية رغم انتصارها على مرض السرطان    بمناسبة عيد الإضحى: وصول شحنة أغنام من رومانيا إلى الجزائر    أبرز مباريات اليوم الإربعاء.    عملية تحيّل كبيرة في منوبة: سلب 500 ألف دينار عبر السحر والشعوذة    تفاديا لتسجيل حالات ضياع: وزير الشؤون الدينية يُطمئن الحجيج.. #خبر_عاجل    الجلسة العامة للشركة التونسية للبنك: المسيّرون يقترحون عدم توزيع حقوق المساهمين    قابس: انتعاشة ملحوظة للقطاع السياحي واستثمارات جديدة في القطاع    نقابة الفنانين تكرّم لطيفة العرفاوي تقديرًا لمسيرتها الفنية    زيارات وهمية وتعليمات زائفة: إيقاف شخص انتحل صفة مدير ديوان رئاسة الحكومة    إيكونوميست": زيلينسكي توسل إلى ترامب أن لا ينسحب من عملية التسوية الأوكرانية    رئيس الوزراء الباكستاني يحذر الهند ويحث الأمم المتحدة على التدخل    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    ابراهيم النّفزاوي: 'الإستقرار الحالي في قطاع الدواجن تام لكنّه مبطّن'    القيّمون والقيّمون العامّون يحتجون لهذه الأسباب    بطولة إفريقيا للمصارعة – تونس تحصد 9 ميداليات في اليوم الأول منها ذهبيتان    تامر حسني يكشف الوجه الآخر ل ''التيك توك''    معرض تكريمي للرسام والنحات، جابر المحجوب، بدار الفنون بالبلفيدير    أمطار بكميات ضعيفة اليوم بهذه المناطق..    علم النفس: خلال المآزق.. 5 ردود فعل أساسية للسيطرة على زمام الأمور    بشراكة بين تونس و جمهورية كوريا: تدشين وحدة متخصصة للأطفال المصابين بالثلاسيميا في صفاقس    اغتال ضابطا بالحرس الثوري.. إيران تعدم جاسوسا كبيرا للموساد الإسرائيلي    نهائي البطولة الوطنية بين النجم و الترجي : التوقيت    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    في جلسة ماراتونية دامت أكثر من 15 ساعة... هذا ما تقرر في ملف التسفير    ديوكوفيتش ينسحب من بطولة إيطاليا المفتوحة للتنس    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    شحنة الدواء العراقي لعلاج السرطان تواصل إثارة الجدل في ليبيا    الميكروبات في ''ديارنا''... أماكن غير متوقعة وخطر غير مرئي    غرة ذي القعدة تُطلق العد التنازلي لعيد الأضحى: 39 يومًا فقط    تونس والدنمارك تبحثان سبل تعزيز التعاون في الصحة والصناعات الدوائية    اليوم يبدأ: تعرف على فضائل شهر ذي القعدة لعام 1446ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الى متى يفلت المجرمون من القصاص؟: د. بوعشبة، د. سليم، د. العبدلي ود. الأحمدي يحلّلون ويجيبون
نشر في الشروق يوم 02 - 06 - 2010

ما إن وقعت الجريمة الاسرائيلية الجديدة التي استهدفت هذه المرة «أسطول الحرية» الذي كان في طريقه الى قطاع غزة المحاصر محملا بمساعدات انسانية، حتى تعالت الاصوات العربية والدولية مطالبة بعدم السكوت عن هذه المجزرة وبالتحرك من أجل محاسبة الكيان الاسرائيلي ومحاكمة المجرمين الصهاينة... لكن السؤال الذي فرض نفسه في هذا «الخضم» هو ما هي الآليات والوسائل القانونية التي يمكن اللجوء اليها من أجل محاسبة «الجلاد»؟...
وهل أن هذه العملية ممكنة أصلا في ضوء «الفيتو» الامريكي الذي يتربص بكل مشروع يدين اسرائيل؟....
«الشروق» تواصل في هذا العدد الجديد من الملف السياسي تسليط الضوء على الجوانب والابعاد القانونية التي يمكن التصرف على ضوئها لمحاكمة المجرمين؟
الحبيب سليم: جريمة مزدوجة... وهذه فرص وشروط محاسبة اسرائيل
تونس «الشروق»
شرح السيد الحبيب سليم، الاستاذ المميز بالجامعة التونسية والمختص في القانون الدولي وقانون البحار في لقاء مع «الشروق» الجوانب القانونية للاعتداء الاسرائيلي على أسطول الحرية مؤكدا أن ما جرى هو انتهاك صارخ للقانون الدولي.
الاستاذ الحبيب سليم أوضح أيضا الطرق القانونية التي يمكن اللجوء اليها لمحاسبة المجرمين الصهاينة وفي ما يلي هذا الحوار:
قانونيا... كيف توصّف عملية استهداف أسطول بحري يحمل مساعدات انسانية الى قطاع محاصر؟
أنا أقول إنها عملية استعمال للقوة بصورة خارقة للقانون الدولي وفي المياه الدولية... لأن المبدأ في المياه الدولية يقضي بأن كل السفن لها الحق في استعمال المياه الدولية ولا حق لأي سفينة في تعطيلها الا دولة العلم (أي السفينة التي تحمل علم دولة)... هذا مبدأ عام الا في بعض الحالات الشاذة...
توصيف هذه الجريمة بأنها قرصنة هل ينطبق على هذه الحالة خاصة لما نعلم أن اتفاقية جمايكا لقانون البحار تعرف القرصنة بأنها العنف غير المشروع على سفينة في المياه الدولية ولكنها تشترط أن يكون هذا العمل لأغراض خاصة؟...
في رأيي أنه لا يمكن أن نوصّف هذه الجريمة بأنها عملية قرصنة لكن أنا أقول ان الأمر هنا أخطر من كونه قرصنة بل هو اعتداء حتى على حرية البحار والملاحة لأن المادة 87 من اتفاقية جنيف تقول ان أعالي البحار مفتوحة لجميع الدول ساحلية كانت أم غير ساحلية وتمارس حرية البحار بموجب الشروط الدولية وحسب قواعد القانون الدولي وتشمل حرية الملاحة وحرية التحليق وحرية صيد الأسماك...
وبالتالي هي ليست قرصنة لأن المادة 101 تعرف القرصنة بأنها اعتراض سفينة حربية أو حكومية... اذن نحن ازاء اعتداء صارخ.. طبعا هناك استثناءات جاءت في المادة 110 التي تقول ان السفن الاخرى لها الحق في زيارة سفن أخرى وإيقافها اذا ما توفرت أسباب معقولة للاشتباه... هذا الاستثناء الأول أما الاستثناء الثاني فإنه يقضي بأن تكون السفينة تعمل في تجارة الرقيق (عملية غير شرعية)... الاستثناء الثالث ان تكون السفينة تعمل في البث الاذاعي غير المصرح به.
الاستثناء الرابع أن تكون السفينة بلا جنسية لكن حسب المادة 110 اسرائيل ليس لها الحق في زيارة المراكب خاصة أن هذه المراكب في المياه الدولية.
بعض الجهات الاسرائيلية تستند في هذه الحالة الى المادة 111 التي تقول بأن السفن الاجنبية لها الحق في مطاردة السفن الاخرى اذا ما تبينت أن هناك أعمالا غير شرعية فهل ان هذا الوضع القانوني يبرر استهداف اسرائيل لأسطول الحرية؟
... لو أن اسرائيل لها ما يفيد فعلا أن هذه السفن ترتكب أعمالا غير شرعية فإن ذلك يبيح لها حق المطاردة ولكن بشرط أن تكون المطاردة في المياه الاقليمية وليس في المياه الدولية... وبالتالي فإن ما تقوله هذه الجهات هو غير صحيح وغير قانوني وهو ما يؤكد مجددا أننا ازاء اعتداء وانتهاك للقانوني الدولي...
لكن في الحقيقة نحن هنا ازاء جريمة مزدوجة... جريمة استهداف أسطول مدني... وجريمة منع وصول المساعدات الانسانية الى أناس جائعين ومحاصرين في غزة... أليس كذلك؟
بالتأكيد هذا صحيح... نحن هنا ازاء جريمتين تخالفان القانون الدولي... وهو ما يستوجب حتما العمل على محاسبة اسرائيل...
كيف... وما هي الطرق التي يجيز القانون الدولي استخدامها لهذا الغرض؟
مجلس الامن هو الهيكل الوحيد حسب الميثاق الذي يمكن له أن يتدخل ويتخذ بالتالي اجراءات أمنية وعسكرية...
اللجوء الى الفصل السابع هل هو ممكن في هذه الحالة؟...
.... مجلس الامن يمكن أن يستخدم الفصل السابع لكن من أجل ايقاف الجريمة... أما في هذه الحالة فإن الجريمة انتهت وبالتالي هذا الاجراء غير ممكن الآن.
اذا كان ذلك غير قائم فما هي طبيعة الاجراءات الأمنية والعسكرية التي تحدثتم عنها والتي ترونها ممكنة اذن؟...
مجلس الأمن يمكن له أن يتدخل بالقوة ويطلب من الدول أن تزوده بما يكفي من المعدات لكي يتدخل ضد اسرائيل... لكن هذا الامر يبقى نظريا فقط...
ماذا عن دور محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية في هذه الحالة... هل ترون أن اللجوء الى هاتين المحكمتين يمكن أن يوفر مسلكا قانونيا يفضي الى محاكمة المجرمين؟
هناك مسعى جار الآن حتى تعترف المحكمة الجنائية بالسلطة الفلسطينية وساعتها يمكن للسلطة أن تتقدم بشكوى...
ولكن قبول هذه الشكوى غير ممكن قبل قبول المحكمة انضمام السلطة اليها وقبل مصادقتها على الميثاق... أما في ما يتعلق بمحكمة العدل الدولية فإنه من الممكن بالنسبة الى الدول التي تم الاعتداء على مواطنيها أن تقدم قضية لدى محكمة العدل الدولية وتطالب اسرائيل بتعويضات ولكن قبول هذه الدعوى رهين موافقة اسرائيل عليها فإذا رفضتها اسرائيل فإن كل شيء يسقط في الماء...
اذن محاسبة اسرائيل... متى؟
اذا أصبحت الدول الخمس العظمى متفقة ومجمعة على محاسبة اسرائيل حينها تصبح عملية محاكمة القادة الاسرائيليين ممكنة... وهذا أراه غير قائم عمليا.
د. عبد اللّه الأحمدي: خرق فظيع للقوانين الدولية.. والحلّ في تحريك «المسارات السياسية»
٭ تونس (الشروق):
أكد الدكتور عبد اللّه الأحمدي، الأستاذ المتميز بكلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس والمحامي لدى التعقيب في حديث مع «الشروق» أن الجريمة التي أقدمت عليها إسرائيل باستهداف أسطول الحرية تشكل بكل المقاييس جرائم بشعة يجرمها القانون الدولي.
الدكتور عبد اللّه الأحمدي دعا العرب في هذا الاطار إلى التحرك سياسيا عبر اتخاذ موقف حازم وعملي ناجع ضد اسرائيل وفي ما يلي هذا الحوار:
٭ ما هو التوصيف القانوني للهجوم على أسطول الحرية؟
ان هذا الاعتداء خرق صارخ وفظيع لقواعد ومبادئ القانون الدولي لعدة اعتبارات من أهمها مكان الاعتداء وصفة المعتدى عليهم وظروف الواقعة.
ذلك ان البواخر المستهدفة كانت موجودة في ما اصطلح على تسميته بأعلى البحار أي مياه دولية فيها الملاحة حرة إذ لا يجوز لأية دولة أن تخضع جزءا من تلك المياه لسيادتها طبق ما ورد في المادة 89 من الاتفاقية الأممية المؤرخة في 10 ديسمبر 1982 والمتعلقة بقانون البحار والتي تخول لكل دولة استعمال المياه الدولية وكذلك المادة الثانية من اتفاقية جنيف المبرمة في 29 أفريل 1958 والخاصة أيضا بقانون البحار.
وبذلك فإن تواجد السفن المعتدى عليها في تلك المنطقة شرعي ولا حق لاسرائيل في اعتراض سبيلها.
اما في ما يتعلق بالضحايا المعتدى عليهم فإنهم نشطاء مدنيون كانوا يقومون بمهمة انسانية بحتة تتمثل كما هو معلوم في إيصال مساعدات لأهالي قطاع غزة المحاصرين منذ مدة وبالتالي فإنهم لا يشكلون أي خطر على اسرائيل خاصة وأنهم ينتمون إلى عدة جنسيات وهناك عدد منهم من الغربيين الذين تربط بلدانهم بإسرائيل علاقات صداقة قوية ووثيقة.
٭ ما رأيكم في ما تمسكت به إسرائيل بزعمها أن ما أقدمت عليه كان دفاعا عن النفس؟
ان هذا الادعاء لا يرتكز على أي أساس منطقي أو قانوني لأن مفهوم الدفاع الشرعي في القانون الدولي واضح وهو ليس متوفرا في جانب اسرائيل إذ ان المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة أقرت لكل دولة حقها الطبيعي في الدفاع عن نفسها إذا تعرضت «لاعتداء مسلح» وعرفت الجمعية العامة للأمم المتحدة في اللائحة عدد 3314 المصادق عليها في 14 ديسمبر 1974، الاعتداء بكونه «استعمال القوة المسلحة من طرف دولة ضد سيادة أو الاستقلال السياسي لدولة أخرى وسلامتها الترابية».
ولا جدال في أن توجه السفن المعتدى عليها إلى غزة والحاملة لمساعدات انسانية والتي يوجد على متنها مدنيون عزل من السلاح لا يشكل اطلاقا اعتداء على إسرائيل.
وفي هذا السياق يتجه التذكير أيضا بأن محكمة العدل الدولية أكدت في حكمها الصادر في 27 6 1986 «انه لا يمكن ممارسة حق الدفاع الشرعي من طرف أية دولة إلا إذا كانت ضحية اعتداء مسلحا».
وخلافا لما تدعيه إسرائيل فإن السفن التي يتكون منها «أسطول الحرية» الذي اعتدت عليه لا تحمل أسلحة أو ذخيرة حربية وإنما تنقل مساعدات انسانية لإعانة سكان غزة على ما يعانونه من نقص في الأغذية والأدوية وأدنى المرافق الضرورية للحياة.
٭ ادعت إسرائيل ان جنودها الذين هاجموا السفن تعرضوا للاعتداء من طرف من كانوا على متنها وقالت انهم كانوا في حالة دفاع شرعي لما قتلوا وجرحوا بعض النشطاء.. فما مدى «شرعية» مثل هذا الادّعاء؟
ان أقل ما يمكن أن يقال في خصوص هذا الادعاء انه يدعو إلى الاستغراب مما وصل إليه الاسرائيليون من غطرسة واستبلاه للرأي العام الدولي وتجاهل لأبسط المبادئ القانونية وقلب المفاهيم فهم يريدون أن يظهروا في مظهر الضحايا المدافعين عن أنفسهم في حين أنهم هم المعتدون بارتكاب جرائم القتل المتعمد مع سابقية اضمار ضاربين عرض الحائط كل الأعراف والقوانين الدولية، فهل يريدون أن يستقبلهم المعتدى عليهم بالورود والترحاب، والحال أنهم هوجموا بواسطة أسلحة حربية مدمرة.
ومما يزيد الأمر غرابة ان بعض وسائل الاعلام الغربية جارت اسرائيل في ما ذهبت إليه وركزت تناولها لهذه القضية على جرح بعض الجنود الاسرائيليين أثناء الهجوم متناسية عدد القتلى والجرحى من النشطاء الذين ذهبوا ضحية هذا العدوان فضلا على أنه لا وجود لأي تناسب بين قوة المعتدين الذين كانوا مدججين بالأسلحة المدمرة وبين النشطاء المسالمين العزل من السلاح والذين لا سلاح لهم سوى قوة الايمان بنبل رسالتهم الانسانية وذهبوا ضحية مبادئهم الانسانية فضحوا بأرواحهم في سبيلها.
٭ ما هو جزاء هذا الاعتداء من الناحية القانونية؟
المفروض ان ما ارتكبه الاسرائيليون يشكل بلا منازع جرائم بشعة يجرمها القانون الدولي من ذلك ان المادة السابعة من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية تعتبر القتل المتعمد من الجرائم ضد الانسانية.
غير ان اسرائيل لم تصادق على نظام هذه المحكمة مما يجعل محاكمة مرتكبي هذا العدوان من قبل المحكمة المذكورة يكاد يكون مستحيلا لأسباب متعددة وليست هذه أول مرة ترتكب فيها إسرائيل جرائم حرب وقد اقترفتها بالخصوص في عدوانها على قطاع غزة بقتلها مئات المدنيين وتهديم المنازل والمنشآت الطبية ورغم ذلك فإنهم لم يعاقبوا لأسباب سياسية وتقنية قانونية.
٭ هل من موقف سياسي لردع مثل هذه الاعتداءات إذن؟
في اعتقادي ان الدول العربية مدعوة إلى اتخاذ موقف حازم وعملي ناجع وليس الاقتصار على مجرد التنديد بالاعتداء والتعبير عن التضامن مع الشعب الفلسطيني لأن مثل هذه العواطف على نبلها لن تردع إسرائيل ولن تثنيها عن اعادة الكرة عند الاقتضاء كما ان الدول العربية التي تربطها بإسرائيل علاقات ديبلوماسية أو خاصة مطالبة باتخاذ موقف واضح وحازم ازاءها ويتجه العمل بالخصوص على فك الحصار على قطاع غزة ومعلوم ان بعض الدول العربية بيدها مفتاح اقفال السياج الذي يخنق سكان قطاع غزة ويكفي ان تستعملها إلا أن تشبثها بمصالحها الضيقة والفردية تجعلها لا تتخذ مثل هذه المبادرة التي تمليها في الحقيقة الوحدة والتضامن بين الشعوب العربية.
وعلى الصعيد الديبلوماسي لا بد من مزيد تحسيس الرأي العام الدولي بخطورة ما أقدمت عليه اسرائيل والالتجاء إلى مجلس الأمن رغم ان استعمال حق الفيتو للحيلولة دون صدور قرار يقضي بإدانة إسرائيل ليس مستبعدا وعلى كل فإن عرض هذه القضية على مجلس الأمن سيكون اختبارا لإدارة الرئيس أوباما حول موقفها من إسرائيل، وفي صورة فشل مجلس الأمن في إصدار قرار بالادانة ويمكن الالتجاء إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة لاصدار لائحة تدين اسرائيل رغم ان ليست لها قوة ملزمة مثل قرارات مجلس الأمن ولكن لها قيمة أدبية كبيرة.
ستانلي كوهين: إرهاب دولة... وجريمة وحشية... والحل في عزل اسرائيل
تونس (الشروق):
وصف المحامي اليهودي الامريكي البارز ستانلي كوهين في تصريح ل«الشروق» عبر الهاتف من نيويورك المجزرة التي اقترفتها اسرائيل ضد أسطول الحرية بأنها «إرهاب دولة». وقال كوهين: «هذه جريمة أخرى ترتكبها دولة الجرائم والحروب ودولة الانتهاكات والغطرسة اسمها اسرائيل». وأضاف: «هي جريمة فظيعة بكل معنى الكلمة... وهي جريمة تعطي مثالا جديدا على التحدي الاسرائيلي لكل العالم»...
وتابع: «نعم اسرائيل اليوم تتحدى كل العالم... وتعلن نفسها فوق الجميع بلا استثناء، وفوق الشرعية الدولية... لأنها فعلا دولة غير شرعية... ودولة وجودها غير شرعي». وأكد كوهين في هذا الاطار أن هذه المجزرة الاسرائيلية الوحشية لا تحرج اسرائيل لأنها استأنست على الجرائم بل إنها تحرج فقط أولئك المراهنين على خيار السلام مع مثل هذا الكيان»...
ودعا الناشط اليهودي المناهض للصهيونية الى التحرك فلسطينيا وعربيا ودوليا على أكثر من واجهة من أجل إحراج هذا الكيان وعزله دوليا مشيرا الى أنه في حال لم يتم اتخاذ خطوات على هذا الصعيد «فإننا قد نرى جرائم أخرى أشد فظاعة ووحشية».
د. عبد المجيد العبدلي: العرب هزموا في المعركة القانونية... وهناك فرصة وحيدة للعودة
تونس «الشروق»: حوار: عبد الرؤوف بالي
اعتبر الدكتور عبد المجيد العبدلي المختص في القانون الدولي أن الدول العربية هزمت في الحرب القانونية ضد الاحتلال الصهيوني كما هزمت على المستوى العسكري مؤكدا أنه لا مفر أمامها من المصادقة على النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية على الأقل للعودة في هذه المعركة ومحاصرة قادة الاحتلال عبرها.
وأوضح الدكتور العبدلي أن اسرائيل تملك مخرجا من كل احتمال لتتبعها سواء في المحكمة الجنائية الدولية أو محكمة العدل الدولية أو مجلس الأمن الذي لم يعد من الممكن التعامل معه بوجود الفيتو الامريكي مشيرا الى أن الثغرات الكثيرة الموجودة في القانون الدولي وانعدام التضامن العربي كانا أبرز أسباب الجريمة التي ارتكبها الاحتلال الصهيوني في حق المتضامنين في «أسطول الحرية». وفي ما يلي نص الحوار:
٭ بداية كيف يصف القانون الدولي ما أقدمت سلطات الاحتلال الصهيوني على القيام به في حق المتضامنين على متن «أسطول الحرية»؟
وفق ما ينص عليه القانون الدولي ما حدث هو ارهاب دولة لأنه أتى من دولة وبطريقة منظمة.
هناك تخطيط مسبق وهو في حد ذاته جريمة، واضافة الى ذلك توجد في القانون الدولي 4 جرائم تصنف على أنها خطيرة وهي الحرب والابادة والعدوان والجرائم ضد الانسانية وما وقع هو عدوان قامت به دولة تحتل ومسؤولية الدولة هذه متوفرة والاحتلال نفسه لا ينكرها.
٭ اذن يمكن أن نعتبر أن القانون الدولي هو من ارتكب هذه الجريمة؟
الجريمة تمت في أعالي البحار أي بعيدة عن شواطئ غزة حوالي 24 ميلا بحريا وهذه المنطقة يحكمها مبدأ الحرية وهي مقررة في القانون الدولي كذلك لكن يجب أن نؤكد هنا أن الظروف العربية هي التي دفعت الاحتلال الاسرائيلي الى ارتكاب مثل هذه الجرائم.
٭ كيف تفسر دور العرب في الجريمة من الناحية القانونية؟
ما أقدمت على فعله اسرائيل هو جريمة وقواعد القانون الدولي واضحة في هذا الخصوص اذا كان هناك من يستعملها وكعرب نحن لم نحارب اسرائيل قانونيا ولم نقدم شيئا للقضية في هذا المجال.
فإذا ما عدنا وأحصينا القواعد الموجودة في القانون الدولي لمعاقبة اسرائيل لوجدنا أكثر من 40 ألف قاعدة سواء فيما يخص محكمة العدل الدولية أو المحكمة الجنائية الدولية وخاصة أنه في القانون الجنائي الدولي لم تعد هناك حصانة للأفراد.
الدول العربية والاسلامية باستثناء الأردن وجيبوتي وجزر القمر ليست أطرافا في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية حيث لم تصادق عليه كما أن اسرائيل ليست طرفا أيضا.
٭ هل يمكن للأردن أن يثير دعوى ضد اسرائيل؟
لا يمكن لها ذلك لأن المتضرر يجب أن يكون حاملا للجنسية الاردنية اضافة الى أن اسرائيل ليست طرفا نحن العرب ليست لدينا وسيلة دفاع ولكي نمتلكها يجب على الأقل ان تصادق الدول العربية على القانون الأساسي وعندها سيصبح قادة الاحتلال الصهيوني ومجرميه ملاحقين في كل الدول العربية وتصوروا كم سيتضرر كيان الاحتلال فمجرد المصادقة ستفرض حصارا كبيرا على قادته.
نحن في العالم العربي نعيش حالة انفصام في الشخصية وكل ما يمس اسرائيل نعتبره مقدسا وهي تحب هذه القداسة وتستغلها لارتكاب جرائمها.
فمثلا عام 1975 أصدرت الامم المتحدة قرارا يساوي بين الصهيونية والعنصرية وفي عام 1991 ألغي القرار والدول العربية لم تعارض ذلك بالرغم من أنها المرة الأولى التي يتم فيها الرجوع الى قرار أممي وتغيير محتواه.
وفي الجانب الآخر من موضوعنا تظل المسألة في حاجة أيضا الى الشجاعة على تحريك الدعوى وهنا تكمن قوة اسرائيل فنحن نتذكر جيدا عندما ضربت سوريا ولبنان وكيف احتلت أمريكا كل من افغانستان والعراق لم يعد هناك تضامن عربي ولم تعد هناك جيوش عربية فالجيش هزم والمثقفون أصبحوا يطالبون بالهزيمة ويتجلى ذلك كثيرا في مطالبهم الغريبة بحقوق الانسان وغيرها بدلا من تحرير ما هو محتل ونعلم أيضا أن اسرائيل لا تقوى الا بالهزيمة ولذلك لم يعد من المستبعد أن تضرب سوريا في القريب العاجل بالنووي ولن يحدث شيء أيضا على الصعيد العربي باستثناء الاجتماعات العاجلة. الدول العربية أصبحت تحاكم المقاومة وتحاصرها عندما تتزود بالسلاح نحن أصبحنا مرضى الآليات والقواعد القانونية موجودة لمعاقبة اسرائيل.
٭ هل يمكن لتركيا أن تلاحق اسرائيل وفق القانون الدولي؟
أمام محكمة العدل الدولية تركيا تستطيع لكن لا يمكن ذلك لأن اسرائيل لم توقع على الشرط الاختياري للاختصاص الاجباري أمام محكمة العدل وهو ما يجعل انقرة مطالبة بالحصول على موافقة اسرائيل.
ومن جانب آخر يمكن أن تحال القضية الى المحكمة الجنائية عن طريق مجلس الأمن وهنا يأتي دور أمريكا التي ستستعمل الفيتو لمنع ذلك.
٭ اذن ما هو الحل الامثل لتتبع قادة الاحتلال اذا ما وجد طبعا؟
الحل الامثل في نظري هو أن تقر الدول العربية الاختصاص العالمي وأن توقع على النظام الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية لكننا شعوب مهزومة نفسيا والنظام العالمي الجديد هو نظام يسعى لجعل الانسان يعيش وحيدا وقد نجح ذلك في حرب أفغانستان والعراق والانتهاكات الصهيونية المتتالية: وهنا يجب أن نجيب على سؤال ما موقعنا من هذا النظام العالمي الجديد؟ هل نحن بالفعل بضاعة تباع في المزاد كالخرفان؟
الاستاذ الجامعي توفيق بوعشبة: ما اقترفه الاسرائيليون «جريمة ضد الانسانية» والتحقيق «هدية» لتل أبيب
تونس «الشروق»: حوار أمين بن مسعود
اعتبر الاستاذ الجامعي في القانون الدولي توفيق بوعشبة أن هجوم القوات الاسرائيلية على سفن المساعدات الانسانية «جريمة ضد الانسانية» مؤكدا ان التحقيق في الحادثة الموثقة بالصورة والصوت هدية لاسرائيل.
ودعا في حديث مع «الشروق» الى توسيع نطاق ملاحقة اسرائيل أمام المحاكم الجنائية باعتبار أن «الجريمة ضد الانسانية» لا تسقط بالتقادم.
٭ من المنظور القانوني: كيف تقارب المنظومة التشريعية الدولية ما قامت به اسرائيل؟
يمكن القول بالنسبة للتكييف القانوني لما قامت به اسرائيل من حيث الهجوم المسلح ضد سفن مسالمة في أعالي البحار وقبل دخول المياه الاقليمية التابعة لاسرائيل ان القوات الاسرائيلية ارتكبت وبالدرجة الاولى جريمة ضد الانسانية باعتبار ان الهجوم تمثل في قتل اشخاص مدنيين على أساس منهجي أي أن الحادثة لم تكن عرضية بل كانت تنفيذا لقرار سياسي وعسكري اسرائيلي رسمي الامر الذي يضفي صفة العمل الممنهج على الفعل... وهو من ضمن شروط قيام الجريمة ضد الانسانية... وعند الرجوع الى أحكام ومعايير القانون الجنائي الدولي فإن ما حصل يمكن تصنيفه ضمن الجرائم ضد الانسانية... مع الملاحظة ان البعض تحدث عن جريمة القرصنة البحرية غير انه وبالنظر الى المعايير القانونية فإنه لا يمكن وصف العملية الاسرائيلية ب «القرصنة» الا إذا استخدم هذا المفهوم بالمعنى السياسي للدلالة على دناءة السلوك الاسرائيلي لأن المادة 101 من اتفاقية الأمم المتحدة حول قانون البحار تستوجب ان يكون الهجوم من سفينة خاصة على أخرى خاصة لتحقيق ربح أو مكاسب مادية وهو أمر غير متوفر في الهجوم الاسرائيلي الذي ارتكبته قوات جيش الدفاع الاسرائيلي كما يسمى رسميا... وقد كان من الافضل تسميته جيش العدوان الاسرائيلي... لذلك فإن ما صدر من قتل للمدنيين وهم على متن سفينة بحرية سلمية تسعى الى تأدية مهمة انسانية يشكل جريمة قتل مع سبق الاصرار والاضمار.
٭ أمام هذه الجريمة كيف بإمكاننا التحرك لتحميل المسؤولين الصهاينة كامل المسؤولية الجنائية وادانتهم بهذا الجرم؟
ارتكاب هذه الجريمة وعلى الملإ يحمل القيادة السياسية والعسكرية كامل المسؤولية الجنائية الدولية وتحديدا فإن بنيامين نتنياهو وإيهود باراك والعناصر الاخرى المشاركة في الهجوم يتحملون المسؤولية الجنائية الفردية... الامر الذي يستوجب رفع قضايا جنائية دولية أمام مختلف المحاكم.. ويحتم أيضا توسيع نطاق الملاحقة القضائية نحن اذن أمام فرصة... علينا استغلالها وتسجيلها للتاريخ حتى وان لم يكن ممكنا حاليا مثول هؤلاء المجرمين أمام القضاء الجنائي فإن ملف تلك الجرائم يبقى مفتوحا لأن الجريمة ضد الانسانية شأنها شأن جرائم الحرب والابادة لا تسقط بالتقادم.
٭ هناك بعض الدول التي تنادي حاليا بإجراء تحقيق دولي في الحادثة... ما رأيكم في هذا الاقتراح؟
ما ألاحظ... هنا انه سواء تعلق الامر بتحقيق دولي أو بتحقيق من نوع آخر فإن اخضاع هذه الحالة للتحقيق ولو كان عن طريق الامم المتحدة... فإنه سيعد بمثابة الهدية لاسرائيل... ذلك ان الحالة صورت على الملإ والضحايا موجودون في المستشفيات مما يكفي لاقامة الادانة عليها... اما اللجوء الى التحقيق فمن شأنه «تمييع المسألة» واسرائيل برهنت أكثر من مرة انها قادرة على تذويب أي تحقيق مهما كان نوعه باعتباره يفضي أو سيفضي الى ادانتها...
٭ كيف تقيمون أداء مجلس الأمن في هذه القضية؟
الملاحظ أن مجلس الامن لم يقدم المنتظر منه بصورة موضوعية ومرة أخرى تم توظيف مجلس الامن وعلى الملإ في الاتجاه الذي يخفف المأخذ على اسرائيل ويستبعد كل ادانة ذات آثار على اسرائيل... ومن المخجل ان يتم الاكتفاء ببيان منسوب الى رئيس مجلس الامن وهو اجراء معنوي بحت ولا يدرج ضمن قرارات مجلس الأمن... وشخصيا وجدت ان الاداء التركي ذاته لم يكن بالقوة المنتظرة.
٭ هل بإمكاننا التعويل علىالدول غير الدائمة في مجلس الأمن (البرازيل تركيا لبنان) للدفع نحو صدور قرار بإحالة الملف على المحكمة الجنائية الدولية؟
أجدد التعبير عن الأسف الحقيقي من عدم امكانية انتظار اتخاذ مجلس الامن حاليا القرار المطلوب ضد اسرائيل فمهما تحركت الدول ذات العضوية غير الدائمة في مجلس الامن...
في الواقع وبالنظر الى خطورة الجريمة المرتكبة كان من المفروض على الدول دائمة العضوية ان تعامل الحالة طبقا لما يرتضيه القانون الدولي معنى انه كان من المطلوب اعتماد قرار باحالة الملف على المحكمة الجنائية الدولية طبقا لما يسمح له القانون الاساسي للمحكمة الجنائية حتى وان لم تكن اسرائيل غير مصادقة على النظام الأساسي...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.