الأبواق أنواع شتى، ولا غاية من استعمالها الا لتضخيم الصوت، وتعديل نبراته كأن تجعل من صياح الديك الرومي غناء بلبل، أو من نهيق الحمار أو ثغاء الكبش، أو خوار الثور أو صهيل البغل موّالا موجّها لله في سبيل الله مجانا الى ذوي الاحتياجات الخصوصية في الحس والذوق. والأبواق وحدها هي التي تُسطّح الأفكار و«تبطّحُ» العقول (نسبة الى البطحاء) وتشطح الأحزمة وما جاورها و«تركّح» الأجواء تركيحا صحيحا. وفي الأبواق تستوي أصوات الكرام واللئام والعظام والأقزام ولكل امرئ من صوته ما تضخّم. وأشهر الأبواب بوق «ارفع يديك وسلّم نفسك» أي ذاك البوق المحمول والنقال الى حيث يتحصّن المجرم والذي لا يصدح الا ب«أرفع يديك وسلم نفسك» للبوليس طبعا. ولم تبق هذه النوعية حكرا على الفرق المختصة في مقاومة المجرمين ومحاصرتهم حيثما تحصنوا. وانما تحولت من بوق الى تلفزات فضائية وأرضية واذاعات رقمية في أمّة السبعين مليون أمي خصوصا. آلاف مؤلفة منها تتوالد وتتناسل وتتصاهر في الوطن العربي من المحيط الى الخليج. هي اذاعات وتلفزات في ظاهرها للأميين بملايينهم السبعين أما في باطنها فهي أبواق «ارفع يديك عن الهوية وسلم نفسك للعدو» برعاية رعاة البقر في الزرع العربي «البعلي» في سبعين مليون «فدّان» قابل للتوسع الى ما وراء «ارفع يديك وسلّم نفسك».