عديدة هي الحقائق المؤسفة والمفزعة والتي لا يمكن انكارها ولا تجاهلها والتي تستدعي الاهتمام الجدي والفاعل ومن بين هذه الحقائق معضلة عزوف أغلبية الناس في الوطن العربي عن المطالعة والاقبال على الكتاب.. هذه الحقيقة أكدتها عديد المصادر المتخصّصة والأسباب عديدة منها هيمنة الوسائل العصرية المريحة كالهوائيات و«الأنترنيت» و«الفايس بوك»، فهذه الاشكالية تعدّ من المواضيع التي لا ينبغي أن نغفل عن اثارتها من حين الى آخر والتذكير بأهميتها. فكلمة «اقرأ» هي أول ما نزل من القرآن الكريم على سيّدنا محمد صلّى اللّه عليه وسلّم وهي بوابة العبور من عالم الجهل والغرور السّخيف الى دنيا المعرفة والسمو بالانسان الى أعلى المراتب التي هو جدير بها حيث تتجسّد انسانيته وتتجلى أفضليته على سائر المخلوقات. اقرأ كلمة عظيمة عندما عملت بها الأمة علمت وبعلومها تعالت وسمت وسادت، فكانت عزيزة الجانب مهابة يقرأ لها ألف حساب. اقرأ كلمة عملت بها الأمة فأنجبت عباقرة وعمالقة في شتى المجالات، هؤلاء العباقرة والعمالقة، نذروا حياتهم لخدمة الانسان وإسعاد الانسانية فكانوا يتوخّون القراءة الواعية الهادفة الخالصة من شوائب الأنانية والغرور والثرثرة والمجرّدة من الأهواء والأدواء النفسية. فأفرز هذا المسلك كنوزا لا تقدّر بثمن ظلّت حبيسة في رفوف المكتبات وشاهدة على ما آل إليه حال الأمة في هذا الزمن الغريب، زمن هجر فيه العربي الكتاب وآثر عليه ما جادت به علينا التكنولوجيا من وسائل لا تسمن ولا تغني من جوع، فما حاجته للقراءة ولوجع الرأس؟! لذا لا بدّ من العودة الى الكتاب والى القراءة المتزنة الهادفة والمصالحة مع المطالعة وإزالة الغبار عن تلك الكنوز العظيمة حتى تتخلّص الأمة من براثن الأمية والضياع وتستعيد مجدها ومكانتها في قيادة الانسانية نحو عالم مشرق آمن تسوده قيم الإخاء والعدل والرحمة.