راج هنا وهناك ان حضور الوجوه الجديدة في الأعمال الرمضانية سيكون لافتا هذا العام، لكن هذا ليس ما صرّح به طلبة المعهد العالي للفن المسرحي. حيث أكدوا ان نسبة حضورهم في الأعمال الرمضانية تراجعت بشكل فادح مقارنة بالعام الفارط. وأن هذه الوجوه الجديدة التي يتحدثون عنها لا تمت للميدان بصلة ولا علاقة لهم بأهل المهنة. ثلة من الطلبة عبّروا ل «الشروق» عن عدم رضاهم عن اختيار الممثلين في الأعمال الرمضانية مبدين آراءهم في حال الدراما الرمضانية والتونسية عموما. عدد قليل حال طلبة المسرح والكومبارس هذا العام ليس كحالهم السنة الفارطة فمشاركتهم هذا العام في الأعمال الرمضانية لا تتعدى الأدوار الثانوية. او حتى fugurant او كومبارس وحتى من ظفروا بهذه الأدوار فإن عددهم لا يتعدى عدد اصابع اليد وهم صابر العراكي وبلال الجلاصي وعزالدين مبعوج ورحاب الهلالي. وكانت الاستثناء هي سماح الدشراوي التي فازت بدور مليحة في مسلسل ملفات مليحة. عكس الاعتقاد السائد بأن الممثلة سهير بن عمارة هي صاحبة الدور..؟ فلماذا هذا التعتيم الاعلامي على الممثلة الشابة الدارسة لأمور المسرح والتمثيل. تقول احدى الطالبات بالمعهد بلهجة مازحة «سوكوا علينا السنة.. مضمضوا يا جماعة ESAD..» مبدية امتعاضها من سوء المعاملة من قبل المشرفين على «Casting» حتى إنهم يخفضون من أجورهم في صورة قبولهم في أدوار ثانوية. فقط لأنهم ابناء المعهد.. 2٪ من طلبة المعهد يشاركون في الأعمال الرمضانية. رفض مؤلم نجم الدين البوكاري طالب بالمعهد العالي للفن المسرحي سنة ثانية مسرح ناشئة. يقول انه شارك في «كاستينغ» المتاهة ومليحة ونجوم الليل ولم يتم قبوله كما استغرب من طريقة هذا ال«كاستينغ» حيث تقدّم صورة شخصية مرفوقة بالاسم واللقب من الخلف وتذهب الى حال سبيلك.. علما وانه خاض تجربة «كاستينغ» قبل ذلك في فيلم «ثلاثون» للفاضل الجزيري حيث استغرق الحديث معه اكثر من نصف ساعة. استعرض فيها قدراته كممثل فشتان بين «كاستينغ» واخر هكذا علّق مخاطبنا مشبها «كاستينغ» المسلسلات الرمضانية بالدخول الى مؤسسات رسمية لاستخراج وثائق معيّنة حيث تقدم اسمك ولقبك وصورتك الشخصية وبطاقة تعريفك إن لزم الامر.. وأضاف محدثنا انه يوجد تقصير بخصوص الاعلان عن مواعيد اختيار الممثلين من هذه المؤسسات والجهات، اذ انه لم يصادف ورأى اعلاما معلّقا في المعهد بخصوص اعمال رمضانية الا نادرا فأغلبية الطلبة يعلمون بمواعيد الاختيار من معارفهم وأصدقائهم وهو ما يضيّع الفرصة على بقية الطلبة الموهوبين. فرق شاسع وقال نجم الدين البوكاري ايضا ان الدول العربية كمصر وسوريا والمغرب يعتمدون في أعمالهم الدرامية من أفلام ومسلسلات على نسبة كبيرة من خريجي وطلبة المعاهد والفنون المسرحية ولعل نجاحهم راجع لهؤلاء. وأكد ان مسلسل غادة كان أكبر مثال على نجاح مسلسل يضم نسبة هائلة من طلبة المعهد العالي للفن المسرحي. وأكد ان الوجوه التلفزية «المعروفة» من غير خريجي الجامعة لها الأولوية حتى في المعاملة والترحيب أثناء اختيار الممثل. وهذا ما حزّ في نفس محدثنا أما زميله ايمن السعداني فقد قال ان هذه حال اكثر من 95٪ من الطلبة . فمن بين مائتي طالب موجودين بالمعهد يتم قبول ثلاثة أو أربعة أشخاص للعمل بالأعمال الرمضانية اي بنسبة 2٪ وهذا فعلا خطر فادح كما يقول ايمن يهدد مستقبل الدراما التونسية واهل المهنة. فإذا لم يشتغل خريجو المعهد في الأعمال التونسية فهل سيشتغل الخضار والطبيب والمغني فيها وعارضو وعارضات الأزياء يجب اعطاء فرصة كاملة لأهل الاختصاص ليثبتوا وجودهم وإعطائهم أدوار مناسبة لمواهبهم فهم الأجدر للنهوض بالدراما التونسية من كبوتها فالأزمة حسب رأيه هي أزمة الممثل بالأساس ، ممثل قادر على الإقناع والتأثير. تكرار ممل اما بلال الجلاصي المشارك في مسلسل مليحة لهذا العام فيقول ان المسلسلات التونسية تكرر نفسها من عام الى آخر فقد سقطت في الكليشيهات والمستوى السطحي في تناول المواضيع. ويعود ذلك الى اختيار الممثلين الذين تنقصهم موهبة التمثيل والأداء الحقيقي للشخصية بكل تفاصيلها فهذه الوجوه الشابة غير المتخصصة تكتفي بإعادة لفظ النص كالببغاء او الآلة حسب قوله وهذا بديهي برأيه باعتبار انهم لا يمتلكون لا الموهبة ولا التكوين الأكاديمي. كما قال ان المخرج في تونس يتحكم في كل عملية التمثيل من إدارة ممثل الى ربط المشاهد او المونتاج فالمعالجة الدرامية ضعيفة وتحتاج الى أهل الاختصاص حيث يجب ان يكون هناك مسؤول عن الصورة وتقني في الصوت ملم بعلم النفس يساعد الممثل ويرشده لإخراج الأحاسيس والتعابير والصوت اللازم بكل مشهد. وأشاد بتجربة عاطف بن حسين في إدارة الممثل في مسلسل مكتوب هذا الأخير خريج المعهد العالي للفن المسرحي فرغم انه اشرف على إدارة جملة من الممثلين اغلبهم من غير الدارسين فإنه استطاع ان يرقى بهم الى مستوى معين من التمثيل. فكيف هي الحال لو كان مع طلبة المعهد حيث تكون لغة الحوار واحدة بينهم؟؟؟ يأس وحزن اما الطالبة سوسن الببة فقالت ان ال «كاستينغ» في الأعمال الرمضانية اصبح مهزلة ولا يتم الحصول على الأدوار الا بأساليب ملتوية.. او عن طريق المعارف وانها ملّت من طرق أبواب المخرجين دون فائدة. فالأسماء جاهزة ومعروفة . مسألة ال«كاستينغ» ليست الا تمويها خصوصا في المسلسلات التي تنتجها التلفزة لضمان الدعم. وتقول ايضا انها وكفتاة ممثلة ترى في التمثيل مهنة راقية تشعر بالحرج عندما ترى بعض الفتيات اللاتي يشاركن في هذه الأعمال تسيء الى المهنة ببعض التصرفات اللاأخلاقية، حيث تقول إنهن لسن ممثلات، ومع ذلك يحسبن علينا ومن الوسط. هذا قمة القهر في رأيها. وتضيف انه لو أصبحت كل المسلسلات على شاكلة مكتوب فرغم الاجتهاد في إدارة الممثل فإن ذلك لا يكفي فقوة المال وحدها لا تكفي، قوة الممثل هي الأساس، وإن لم يقع الانتباه الى هذه النقطة فإن مسلسلاتنا ستصبح نسخا مقلدة للمسلسلات المكسيكية وهو ما من شأنه ان يفسد الذوق العام. بعض الطلبة قالوا ان المسؤولين في Cactus طردوهم من ال «كاستينغ» وآخرون قالوا لهم أنسوا المسرح، مثلوا في التلفزة. تساءل احد الطلبة متعجبا «لم أفهم ماذا يريدون منا... هل المسرح والتلفزة مفهومان لا يلتقيان وأن التمثيل له تعريف آخر..»؟؟