لأول مرة يكون موضوع الاستثمار في الصناعات الثقافية محل نقاش صريح وشفاف بين وزير الثقافة السيد عبد الرؤوف الباسطي وأعضاء المجلس الاقتصادي والاجتماعي. والمناسبة كانت الحوارات الدورية التي ينظمها المجلس الاقتصادي والاجتماعي حول عدد من المواضيع الهامة وتتم دعوة أعضاء الحكومة للردّ على استفسارات الأعضاء وتولى السيد الصادق شعبان رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي تقديم الحوار ليؤكد بأن الثقافة قطاع استراتيجي بالمعنى الأمني للكلمة وكلما حافظنا على ثقافتنا تعززت لدينا القدرة على التنافس وعلى التموقع بين الأمم . وأضاف السيد الصادق شعبان ان الصناعة الثقافية الجيدة تساهم في رفع نسبة النمو وتجعل العمل السياسي أكثر تموقعا وإشعاعا. وقال رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي ان من المقاربات المجددة لسيادة رئيس الجمهورية اعتبار الثقافة قطاعا منتجا والصناعة الثقافية رافدا أساسيا للاقتصاد والاستثمار فيها خيار مركزي. كشف السيد عبد الرؤوف الباسطي وزير الثقافة والمحافظة على التراث امام أعضاء المجلس الاقتصادي والاجتماعي في الحوار الذي نظمه المجلس حول «فرص الاستثمار في الصناعات الثقافية» بأن رقم معاملات مؤسسات قطاعات الصناعة الثقافية ضعيف وأن جل هذه المؤسسات تعتمد على الدعم في ضمان استمرارية نشاطها. وقال الوزير ان قطاع الصناعات الثقافية بلغت نسبة مساهمته في الناتج الوطني 0.75٪. وبين الوزير ان مؤسسات الانتاج السمعي البصري بلغ عددها 430 مؤسسة وتشغل 385 عونا قارا فقط. وتساءل السيد عبد الرؤوف الباسطي قائلا ان السؤال الذي يبقى مطروحا بخصوص عدم تطوّر قطاع الصناعات الثقافية بالشكل المطلوب رغم كل الآليات المتوفرة لتمويله ويمكن في هذا الاطار تفسير ذلك بعدم وجود منظومة توفّر معطيات احصائية محيّنة حول القطاع يتم مد هياكل التمويل والمستثمرين بها اضافة الى عدم وجود دراسات تعرف بالمجالات الواعدة وبغرض الاستثمار في القطاع والنقص في التعريف بالحوافز المالية على غرار ما هو متوفّر لدى قطاعات اقتصادية أخرى. وقال الوزير لقد اختارت تونس منذ التغيير وبهدي من الرئيس زين العابدين بن علي مقاربة تنموية تتميّز بالشمولية وبالترابط والتفاعل الخلاق بين مختلف القطاعات فكانت العلاقة بالتنمية عضوية جدلية. وأضاف ان هذه النظرة الاستشرافية للشأن الثقافي في سياق الوعي بأهمية الثورة الرقمية وانعكاساتها قد مكنت تونس من التنبه مبكرا لأهمية البعد الاقتصادي في الفعل الثقافي. وبين السيد عبد الرؤوف الباسطي ان المشروع الثقافي كغيره من المشاريع الاقتصادية يحتاج الى استثمارات مادية ولا مادية بالاضافة الى تمويل المنتج الثقافي والفني وهو منتج يختلف عن غيره من المنتجات من حيث تميّزه بفترة حياة تسويقية قصيرة نسبيا. وكشف الوزير ان قطاع الصناعات الثقافية سجل رقم معاملات في السوق الأوروبية بلغ 654 مليار أورو سنة 2003 وهو رقم فاق ما سجلته قطاعات أخرى مثل صناعة النسيج والصناعات الكيميائية.