مع اقتراب موسم الافراح والأعراس والعطل وعودة التونسيين بالخارج يتسارع نسق التوجس من حوادث المرور ومخلفاتها الخطيرة والتي تشتد في أشهر الصيف. ورغم ان مسألة حوادث الطرقات تحوّلت خلال السنوات الفارطة الى قضية وطنية تحظى باهتمام الدوائر الرسمية التي استهدفتها بعديد الاجراءات والآليات التي ترمي الى تطويقها فإن الفاتورة مازالت ثقيلة اذ يتجاوز عدد القتلى سنويا 1530 قتيلا، إضافة الى آلاف الجرحى وملايين أيام العمل الضائعة ومليارات التعويضات والأضرار الملحقة بأسطول السيارات. ورغم الجهود الخيّرة التي تبذلها مصالح وزارة الداخلية وجمعيات الوقاية والسلامة من حوادث المرور طيلة العام وأساسا خلال شهري العطلة الآمنة، فإن النتائج كانت أقل من الانتظارات وبدا وكأن المشكل عصيّ عن الحل أو فوق التحكّم. صحيح ان أسطول السيارات يتطوّر بشكل كبير وحركة المرور أيضا وان هناك تهورا في السياقة وأخطاء بشرية من كل أصناف مستعملي الطريق يقابله تحسّن واضح في البنية الاساسية وشبكة الطرقات، لكننا لم نلاحظ استراتيجية اتصالية واضحة وبرامج وأهداف عامة تساهم كل الأطراف في تحقيقها للتخفيض من أعداد حوادث المرور ومخلفاتها. ويبدو ان الردع والحزم في تطبيق القانون لا يقل أهمية عن التحسيس ونشر الثقافة المرورية، بل قد يتفوق عليه لأن سلوك التونسي يتغيّر عبر جيبه قبل عقله وهو ما أكدته عقوبات الرادار الخاصة بتجاوز السرعة. كما بات مطلوبا الاستئناس بالتجارب الدولية في مجال الحدّ من الظاهرة ووضع استراتيجية اتصالية تنطلق من الواقع التونسي وتعتمد الصور الصادمة والايحائية اكثر من الصور العادية، اضافة الى دعوة منظمات المجتمع المدني وكافة مكوّناته الى الانخراط في جهود الوقاية ونشر الثقافة المرورية ودعوة المؤسسات الاقتصادية الى المساهمة في تمويل حملات الدعاية والتحسيس حتى لا تبقى حوادث الطريق السبب الأول في الوفيات والإصابات.