نتائج الباكالوريا لهذا العام جاءت حبلى بالمعاني وبالمؤشرات... فهي تعد أعلى نسبة نجاح (50 فاصل 20) من جملة المترشحين للامتحان منذ سنة 2002 تاريخ اعتماد معدلات السنة الدراسية في نتائج الباكالوريا... كما أن هذه النتائج أكدت تميّز أبنائنا وبناتنا في الشعب العلمية وحصولهم على معدلات عالية بما يدعم أرضية التميز على درب الامساك بخيوط المعرفة في المجالات العلمية والتكنولوجية. غير أن أبلغ درس حملته نتائج هذا العام هو ذلك الذي قدّمته 10 معاهد ومدارس ثانوية بتحقيقها نسبة نجاح تعادل 100٪... وكذلك 33 مؤسسة أخرى سجلت معدلات تساوي أو تفوق 75٪ من جملة المترشحين. والنتائج الباهرة التي حققتها كل هذه المعاهد والمدارس الثانوية، والتي تستحق عليها الشكر والثناء، لم تأت من فراغ.. ولم تنزل من السماء... بل هي ثمرة جهد متواصل وعمل دؤوب انخرط فيه طيف العملية التربوية من إدارة سليمة واطار تربوي كفء ومتفان وتلاميذ وتلميذات نجباء اتخذوا من العلم الجاد ومن التفاني في تحصيل العلم سبيلا وحيدا... كل هؤلاء لم ينتظروا الأسابيع الاخيرة لينخرطوا في العمل... بل حرصوا على توزيع جهودهم واستنفار طاقاتهم منذ الأيام الأولى للسنة الدراسية... ويمكن ان نتصور في هذه الحالة نوعية العلاقات الجيدة بين كل الأطراف.. والطريقة السلسة التي مرّ بها التيار بين الجميع... وكذلك حالة التوافق الجماعية حول الرهان على العلم والكد والمزيد من العمل والكد لقهر المستحيل وتحقيق نسبة نجاح ب100٪ في 10 مؤسسات وتحقيق نسبة نجاح مرتفعة جدا في 33 مؤسسة أخرى... إن ما حققته هذه المؤسسات من نتائج باهرة لا يجب أن يمر في صمت... بل وجب دراسة قصّة النجاح والتألق هذه والتوقف عند كل تفاصيلها وكل مفاتيحها لتبقى بمثابة المنارة التي تضيء الدرب لباقي المعاهد والمدارس الثانوية وللإطار التربوي والاداري ولكل تلاميذنا في ربوع بلادنا... واذا علمنا ان تفاصيل ومفاتيح قصة النجاح هذه ليست من المعجزات والخوارق بل هي تبدأ وتنتهي بالعمل والاجتهاد والمثابرة والاقبال على التحصيل العلمي بروح ايجابية بناءة، فمعنى ذلك أنه بإمكان الجميع اعتماد وصفة النجاح هذه واتخاذها كميثاق شرف يلتزم به الجميع لتحصيل النجاح والامتياز والتفوق... وبهذا، وبهذا فقط نكون قد أشعلنا شمعة الأمل ورددنا الاعتبار لبرامجنا ولمستوى التدريس بمؤسساتنا التربوية بدل الركون الى الكسل والتراخي ثم التباكي على تراجع المستوى والنتائج... ومن يحتاج الى تعديل ساعته والتشبع بمفاتيح النجاح والتألق هذه، فما عليه الا أن ينكب على قصص النجاح الباهرة التي حققتها معاهد ومدارس بلغت نسبة النجاح فيها 100٪ وأخرى فاقت فيها النسبة ال75٪... فهل يبقى بعد هذا شك في أنه بالإمكان قهر المستحيل وفي أن نيل المطالب ليس بالتمني وفي أن طلب العلى يستوجب سهر الليالي.