في كلّ البلدان المتحضرة تتصدر برامج وآليات سلامة المحيط والعناية بالبيئة أول الاهتمامات وللمصداقية فإن تونس تتبوّأ الصدارة على المستوى الإفريقي أو العربي في هذا المجال.. وبالتالي فإن من يشوه هذا المكسب، إنما يعمد ويتعمد خدشَ ميزة حضارية نعتزّ جميعا أن نُدافع عنها. من منزل بورقيبة عبر الطريق الرئيسي بمدخل المدينة الجميل لوجهة العاصمة بين تلك الأشجار الوارفة لشارع البيئة الذي تظلمه التسمية للأسف الشديد في هذه الحالة حيث يبدأ التناقض والخلل من خلال بقايا ومخلفات وفواضل مصنّعات جلدية تترامى على مدى الطريق لأن المكلف بنقلها من شركات المناولة لا يأبه لما سقط من المجرورة التي تكدست فوقها الأكوام إلى غاية بلوغ المصب المتفرّع إلى مسلك فلاحي بين سور مصنع «الفولاذ» والأراضي الزراعية المحاذية! هذا المصب يقع قبالة البحر تماما على عُمق يوازي سطح مياهه أين تُرمى النفايات ويقع حرقها دون تهيئة للغرض أو احتياطات وإجراءات وقائية كما تسبب حرق هذه الفضلات في احتراق مساحة هائلة توازي 20 هكتارا مؤخرا من سنابل القمح الذهبية والمؤهلة للحصاد! ثم ترابطا مع ما استجد، استعد «الفولاذ» للتدخل ودرء خطر الكارثة في إطفاء الحريق لكن محاولة إخماده أُلغيت بمجرد ابتعاد الخطر عن محيطه، إلاّ أن صابة القمح التي تعد ثروة وطنية بمنأى عن الفلاح المستفيد من ثمنها احترقت في منظر يُدمي القلوب فعلا، وقد كان في الإمكان إنقاذها.. وتوزيا كذلك مع المشكل البيئي لهذا المصنع فقد صارت إفرازاته أيضا أكثر حدّة وخُطورة على إثر اعتماد تذويب المستعمل والمُهمل من المعادن الحديدية بما تراكم عليها من غبار الصدإ بدل التراب المنجمي في التصنيع سابقا... للأمانة يستحق الموضوع عناية أكيدة وعاجلة سواء من ناحية هذه الملوثات المتساقطة أو أكوام «الخردة» المشوهة بمداخل هذه المدينة من عدة جهات. تونسبنزرتماطر والأدهى هذا المصب الكارثي على التربة والشاطئ والمياه.. وبدخانه ورماده وغُباره الضار والخطير جدا على البلاد والعباد! وحتى يأتي التدخل لسائل أن يستفهم ماذا تعني هذه اللامبالاة والصمت الرهيب تجاه المصلحة والصحة العامة معا!