القرارات الرائدة في بلادنا حول مكافحة التدخين ومنعه في الوسائل والأماكن العمومية تندرج في سياق الأعمال الخيرية والاصلاحات الاجتماعية الراقية لفائدة الانسان الذي قال الله فيه: ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا. الآية 70 الإسراء. ان التدخين لعادة سيئة ينخرط فيها الانسان غالبا في سن المراهقة وهو غير واع لمضارها الخطيرة ولا يستفيق لاحقا الا وهو متورط في التدخين ثم مدمن فيعسر عليه الاقلاع عنه بمفعول النيكوتين المبثوث في خلايا جسمه، لكن الانسان الواعي والمثقف يجب عليه الاقلاع عنه مهما كانت الاحوال. ومن المدخنين من يعلن متعللا، اني أروح على نفسي لكنه مخطئ لأن الترويح على النفس لا يكون بالخبائث بل بالطيبات ففي المقام الأول يكون بالعبادة لقول الباري جل وعلا «ألا بذكر الله تطمئن القلوب» والرسول صلى الله عليه وسلم يقول «روحوا القلوب ساعة بعد ساعة فإن القلوب اذا كلت عميت». فالترويح على الأنفس بعد العبادة يكون بوسائل تنفع ولا تضر كممارسة فن من الفنون أو تعاطي الرياضة أو القيام بالرحلات والتنزه. والاقلاع المبكر عن التدخين أفضل من الاقلاع المتأخر قبل ان يصبح الجسم كله نيكوتين فيعسر على مدمن التدخين الاقلاع دفعة واحدة. والاقلاع الفوري واجب لأن التدخين غدار حيث يلازم المدخن مدة دون أعراض ثم ينقض عليه بالنوبات وربما تحضر الجلطة عافى الله الجميع. وتبرز خطورة التدخين حين يصطدم الآباء بتدخين الأبناء لأن الأولياء واعون بتورطهم في معضلة فلا يرضونها لأبنائهم. والمدخن لا يضر نفسه فحسب بل يضر أسرته أولا ثم مجتمعه من حيث التدخين السلبي. وأول ما يؤذي المدخن الملائكة فتبتعد عنه ويقترب منه الملعون لعنه الله فهو الذي أوعز للإنسان أن يحول الطيبات الى خبائث كتحويل التبغ الى تدخين وتحويل العنب ونحوه الى خمر ليفسد عقول البشر فيضر بصحتهم ويفسد أخلاقهم وبالتالي سلوكهم. لأن الشيطان عدو للإنسان ويسمى الغرور لأنه يغر الانسان والسيجارة من نار فكيف للعاقل أن يطيع ابليس فيحرق نفسه!... كأنها حالة جنون! يتذرع المدخن أحيانا بذريعة واهية معلنا: ها أن الطبيب يدخن لكن الطبيب المدخن لا ينفك ينصح الناس بعدم التدخين ويوصي المرضى منهم بالاقلاع فورا عن التدخين وهو واع بمضرة التدخين لكنه سبق أن تورط في المعضلة. فالانسان حينما يمرض من جراء التدخين أو الخمر أو المخدرات أو القمار بإيعاز من الملعون ينخرط في معاناة معنوية ومادية ومرحلة علاجه تتحملها أسرته ومجتمعه مما ينجر عنها من أتعاب ومصاريف. من الجانب الديني نجد في القرآن الكريم آيات كثيرة اعتبرها العلماء نهاية عن التدخين: «وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم الى التهلكة وأحسنوا ان الله يحب المحسنين». البقرة الآية 195. «ان المبذرين كانوا اخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا» الآية 27 الاسراء «الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذين يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والانجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع اصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون» الآية 157 الأعراف. فكيف يدفع المرء ماله فيما يضره فيلقي بيديه الى التهلكة! وكيف يبذره في الخبائث لأن التبغ يكون القطران في الصدر! وكيف يستهلك الخبائث وهي محرمة عليه! وهل يعقل ان يقتني علبة سجائر وهي مكتوب عليها: التدخين مضر بالصحة.