سجلت نسبة المدخنين في تونس انخفاضا بأكثر من 2 بالمائة خلال الفترة المتراوحة بين أواخر 2009 وأواخر 2010 وفقا لما جاء في تقارير عيادات المساعدة على الاقلاع...هذه الفترة تزامنت بالأساس مع الجدل الذي رافق تحضير واصدار الأمر القانوني المتعلق بالمنع الجزئي للتدخين في الاماكن ذات الاستخدام الجماعي ومثلت أولى خطواته الايجابية. ورغم هذا الانخفاض تظل معدلات التدخين مرتفعة حسب احصاءات وزارة الصحة العمومية اذ يقدر عدد المدمنين بمليون و 700 ألف مدخن نصفهم من البالغين وحوالي الثلث منهم أطفال ومراهقون و 10 بالمائة منهم من الاناث. وكانت تونس قد صحت يوم 9 فيفري من عام 2009 على حماسة رسمية مناهضة للتدخين قادها المخلوع بن علي بدأت بإخراج مفاجئ للقانون عدد 17/98 المؤرخ في 23 فيفري 1998 والمتعلق بالوقاية من مضار التدخين من الرفوف والانطلاق في تطبيقه في الأماكن العامة مما أسفر عن رفع عدد من المخالفات أجبرت الكثير من المدخنين على الالتزام بقانون حظر التدخين في الفضاءات العامة، رغم عدم معرفتهم المسبقة بالقانون، خاصة ان تدخين سيجارة واحدة في تلك الفضاءات يكلف المخالف خطية قدرها 25 دينارا... واستمرت تلك الحماسة لتشمل إعداد أمر قانوني متمم للقانون المذكور صدر يوم 14 سبتمبر 2009 ونص على وجوب تخصيص مساحة لا تقل عن 50 بالمئة من مساحة المقهى والمطعم لفائدة غير المدخنين مما أثار جدلا استمر لأشهر وانتهى الأمر إلى عزل رئيس غرفة أصحاب المقاهي صنف واحد السيد حبيب التستوري لطلبه «قليلا من الليونة» في تطبيق قانون متطور جدا ويدعمه أصحاب المقاهي خدمة لصحة المواطن لكن تطبيقه أكثر من صعب». وفي أواخر 2010 قادت تلك الحماسة تونس إلى المصادقة على اتفاقية منظمة الصحة العالمية الاطارية حول مكافحة التدخين... وبالتالي رفع تحفظاتها على عدد من فصولها خاصة منها المتعلقة بحماية سياسات الصحة العمومية من المصالح التجارية وأية مصالح راسخة أخرى لدوائر صناعة التبغ. وكانت تونس قد وقعت على الاتفاقية المذكورة منذ عام 2003 ورفضت المصادقة عليها بتعلة وجود قانون داخلي ينظم ذلك وهو القانون عدد 19/98 الذي ظل في الرفوف طيلة عشر سنوات دون تطبيق... علما أن منظمة الصحة العالمية اختارت هذا العام الاتفاقية شعارا للاحتفال باليوم العالمي للامتناع عن التدخين على اعتبار انها من أكثر المعاهدات التي حظيت بقبول واسع وسريع في تاريخ الأممالمتحدة وانضم إليها أكثر من170 طرفا وظلت تونس إلى غاية نهاية 2010 تسير في اتجاه نجاح خطة تحرير الفضاءات العامة من التدخين وتوفير أماكن آمنة لاغير المدخنين رغم ارتباط تلك الحملة بقرار شخصي من المخلوع وما يعنيه ذلك من بغض غير معلن لدى المدخن حول نوايا بن علي من «عائدات» منع التدخين وهو السؤال الذي ردده الكثيرون في مجالسهم الضيقة...غير أن هذه الخطة تعطلت بعد 14 جانفي بعد أن «أصبح من الصعب تطبيق الرقابة على السجائر في الأماكن العامة» على حد قول مصدر بإدارة حفظ الصحة وحماية المحيط. وأكدت مصادرنا تمسك الإدارة بالقانون رغم صعوبة تطبيقه في هذه الفترة الاستثنائية. كما علمنا أنه يجري حاليا الاعداد لتطوير التشريعات المتعلقة بمنع التدخين لتشمل منع بيع السجائر للأطفال دون سن 18 عاما وتخصيص مساحة على جهتي علبة السجائر تتضمن تحذيرات صحية مكتوبة ومصورة وحذف كلمة «لايت» و «خفيفة» وما شابه ذلك...كما تم التخفيض من سعر المعوض النيكوتيين بنسبة 20 بالمائة وتوفيره في كل الجهات بالاضافة إلى تكوين ما لا يقل عن 250 طبيبا في مجال الاقلاع وتعميم عيادات المساعدة على الاقلاع بمراكز الصحة الأساسية في كل الجهات. وتزامنا مع الظروف السياسية الاستثنائية التي تعيشها البلاد بعد ثورة 14 جانفي والسلوكات الاستثنائية التي يتعمدها البعض من ذلك عدم الالتزام بقانون منع التدخين في الاماكن العامة تطلق وزارة الصحة حملة تحسيسية في هذا الاتجاه منها اعتماد ارساليات قصيرة على الهواتف الجوالة تحت عنوان «اليوم العالمي للامتناع عن التدخين: أن تكون حرا هو أن تحترم غيرك».