عاشت مدينة بنزرت على إيقاع افتتاح مهرجانها الدولي بسهرة «بنزرت تغني» المستوحاة من صميم تراث الجهة وقد كانت إدارة مهرجان بنزرت شديدة الحرص على إبراز المخزون الثري من تراث الفن العتيق والتعريف به ثم الترويج له لاحقا في بقية مهرجانات الجمهورية في عمل فني ضخم حضره وزير الثقافة ووالي الجهة وبقية الاطارات وجمهور غفير العدد غطى كامل مدرجات مسرح الحصن الاسباني ببنزرت على مدى أكثر من ساعتين، بقيادة الموسيقي سليم البكوش الذي اجتهد في ملامسة الخصوصيات الفنية لكل جهة في لمسة وفاء لمختلف أجيال فناني ولاية بنزرت... وقد استهل شيوخ المالوف سهرة الافتتاح بدخلة «الهدوة» المعروفة في تقاليد أفراح الزواج بالجهة ووصلة من المعزوفات في مقام الاصبعين و«حرّمت بيك نعاسي» من إنشاد فرقة خميس الترنان ثم أخذ المصدح كل من محرز خليل ليقدم باقة من الموروث الفني الخالد «كيف دار كاس الحب بالله يا حميد يا خويا أليف يا سلطاني» والفنانة عفيفة العويني في أغنيتي: «كحلة الاهداب» و«عشيري الاول»، والفنان مهدي العياشي في وصلة من الفن العتيق بعنوان «العين السودة» و«يا بنيّة أنا نغير عليك». مزمار عم صالح يدفع الجمهور الى الرقص لا يمكن الحديث عن الفن الشعبي في بنزرت دون التطرق الى عازف الايقاع على المزمار عم صالح الهاني الذي ما إن اعتلى ركح المسرح ليقدم مقاطع موسيقية من الفن الشعبي بمزماره المعروف (الزكرة) حتى اهتزت مدرجات المسرح وتمايل رواد المهرجان رقصا وهتافا في مشهد تفاعلي يعبر عن رغبة الجمهور في البحث عن متنفس للترفيه والتسلية بعد ضغط موسم الدراسة. كما قدم سليم البكوش مجموعة من الاغاني مستوحاة من تراث جهة سجنان بعنوان «أنا جيتك زاير يا ساكن سجنان» و«ماذابيّة نجي نعوم في بحرك شوية» وهي من تأليف وتلحين عادل المثلوثي ولا يمكن للسهرة أن تنتهي دون أن تقدم مجموعة العزف الموسيقي المتركبة من أكثر من 70 فردا الاغنيتين الاكثر رواجا في بنزرت وهي «السيدة المنوبية» و«سيدي سالم يا حرار يا رئيس البحرية» التي زادت في حماس الجمهور ودفعته الى الرقص الى آخر دقيقة من عمر السهرة... وفي خضم هذا النجاح الذي حققته ادارة المهرجان على مستوى إبراز المنتوج الفني للجهة يتساءل النقاد: لماذا لا تدعم وزارة الثقافة العروض المحلية التي تحقق النجاح أكثر من العروض الاجنبية التي لا تلاقي أحيانا أي إقبال من الجمهور؟