أصدرت عشية أمس محكمة الاستئناف بجهة بنزرت حكمها الصادر في قضية مقتل معلمة سجنان والتي كانت «الشروق» سبّاقة في نشر وقائعها. وقضت المحكمة بثبوت إدانة المتهم (الزوج) والحكم بعد عقوبة مدتها 30 سنة سجنا بالإعدام من أجل تهمة القتل العمد مع سابقية القصد طبقا لفصول الاحالة... وتعود وقائع هذه القضية وفقا للمعطيات المتوفرة لدينا واستنادا لاعترافات المتهم (31 عاما) طوال فترات البحث والتحقيق الى صائفة العام الماضي وتحديدا الى صبيحة يوم الثلاثاء 2 جوان 2009. حيث أفاقت جهة بنزرت على وقع حادثة أليمة وغريبة ذهبت ضحيتها زوجة شابة في مقتبل العمر (25 عاما) نجوى المشرقي من مواليد 10/1/1984 معلمة بمدرسة «العُلي» الابتدائية بمعتمدية سجنان. استنادا الى تصريحات المظنون فيه، فإن قصة حب جمعته بالهالكة انتهت بزواج... لكن أمام حدة الخلافات بينهما حصُل الطلاق في وقت وجيز جدا حيث قامت المجني عليها بعد شهر بطلب الطلاق إنشائيا. وفي الاعترافات المسجلة عليه طوال البحث وبالنظر الى استحالة إعادة جسور الود مع الهالكة قام بشراء بندقية من عيار 12 ملم وجهزها بثلاث خراطيش. وقصد في صبيحة يوم الثلاثاء 2 جوان الماضي مدرسة «العُلي» الابتدائية حيث تعمل طليقته معلمة متوجها نحو القسم الذي تدرس به... محاورا إياها ومتقدما بطلب في العودة اليه... لكن أمام تمسكها بالرفض الكامل أخرجها بعد ذلك وأدارها وسط ذهول الجميع بالمدرسة نحو الحائط المحاذي لقاعات الدرس ليسدّد لها طلقتين من الرصاص لتسقط بعد ذلك أرضا. كل ذلك أمام أنظار التلاميذ وزملائها المدرّسين... وفي نفس التصريحات أوضح المظنون فيه أنه عزم كذلك على توجيه البندقية نحو جسده لتكون آخر رصاصة يقتل بواسطتها. إلا أن عطبا مفاجئا حال دون تحقق العملية وهو ما جعله يفضل تناول بعض المبيدات الحشرية ومواد كيميائية حتى يضع حدا لحياته من أعلى سفح الجبل... لكن إلقاء القبض عليه من قبل الفرق الامنية المختصة بعد قرابة الساعة والنصف من الفرار حال دون تحقق هذه المحاولة الفاشلة في الانتحار... فاجعة طالت الجميع وتجدر الاشارة الى أن «الشروق» التقت في حديث خاص عددا من أفراد عائلة الضحية ساعات بعد الدفن. كما كنا قد نشرنا في عدد يوم الجمعة 5 جوان 2009 بعض التفاصيل الاولية حول هذه الجريمة التي هزّت كل متساكني ولاية بنزرت وشدّت الرأي العام حيث توقفنا بمناسبة زيارة المدرسة مكان الواقعة عند انطباعات الاطار التربوي هناك الذي وصفها بالفاجعة التي طالت الجميع. ما حكاية الرسالة؟! وباستكمال الابحاث أحيل ملف القضية على أنظار الدائرة الجنائية حيث مثل المتهم في الطور الابتدائي للمحاكمة في حالة إيقاف بعد أن وجهت له تهمة قتل نفس بشرية عمدا مع سابقية القصد واكتفى بطلب التخفيف عنه في حين رافع لسان دفاعه طالبا التخفيف عن منوبه في ظل الظروف النفسية والمرضية الخاصة بملابسات الحادثة... داعيا بالمناسبة الى الاخذ بعين الاعتبار تغيّر سلوك (المجني عليها) بعد الزواج إزاء الزوج (المتهم). وكان محامي (المتهم) قد قدم ضمن المؤيدات بالمرافعة في طورها الاول رسالة خطّها المتهم قبل الواقعة متوقفا عند بعض الصفحات منها التي ترصد مكانة هذه المرأة في حياته وذكريات عن علاقتهما في سبع صفحات. وقد ذهب الحكم الابتدائي الى ثبوت إدانة الزوج من أجل ما نسب اليه من جرم والقضاء في حقه بعقوبة سجن لمدة ثلاثين سنة. هذاوقد استأنف كل من المتهم والنيابة العمومية الحكم الصادر وخلال جلسة المحاكمة في طورها الاستئنافي حضر الشاب المتهم أمس (الجمعة) في حالة إيقاف وبدا مضطربا مكتفيا بعد صمت بالاشارة الى مسألة غياب وعيه لحظة ارتكاب الجريمة. فيما لاحظ محاميه أن المرافعة لن تأتي على مناقشة مبدإ الادانة بل الى الوقوف عند مختلف الملابسات الحافة بارتكاب مثل هذه الجريمة «الخطيرة» وبالنظر الى قمة الحب الجنونية على حد وصفه التي جمعت المتهم بالمجني عليها ولتبدّل سلوك هذه الاخيرة واستغراق المحاورة في طلب العودة اليه 27 دقيقة. وبعد التفاوض قررت الهيئة القضائية المنتصبة ثبوت إدانة الزوج القاتل والترفيع في العقوبة الى الاعدام.