جاء في توضيح من مصدر مأذون بوزارة الشؤون الخارجية ما يلي: تبعا للتصريح الذي أدلى به الناطق باسم وزارة الخارجية الأمريكية يوم 9 جويلية 2010 والذي تضمن مزاعم حول وضع الحريات في تونس وحول قضية المدعو الفاهم بوكدوس، أعرب مصدر مأذون بوزارة الشؤون الخارجية عن استغرابه الشديد من هذه التصريحات التي تنمّ عن عدم تحرّ في صحة المعلومات وتسرع غير مبرر في إطلاق الأحكام على البلدان الأخرى، مشددا ان المتحدث الأمريكي قد استند في تصريحه المذكور إلى معطيات مغلوطة بخصوص المدعو الفاهم بوكدوس على وجه التحديد. فخلافا لما جاء في تصريح الناطق باسم الخارجية الأمريكية من أن السيد الفاهم بوكدوس «صحفي مستقل»، فإن المعني بالأمر لم ينتم قط في الماضي أو الحاضر إلى المهنة الصحفية ولم يحمل أبدا البطاقة الصحفية. وان الأطراف التي تحاول اضفاء الصفة الصحفية عليه إنما ترمي من وراء ذلك إلى التضليل. كما ان الحكم المتعلق بالسيد الفاهم بوكدوس قد صدر ضده لأجل تورطه في جريمة الانخراط في عصابة اجرامية ومشاركته في نطاقها في التحضير لارتكاب اعتداءات على الأشخاص والأملاك. وقد أثبت التحقيق أن المعني بالأمر شارك ضمن هذه العصابة في إعداد الوسائل المادية اللازمة من أجل تنفيذ هذه الاعتداءات إضافة إلى التحريض على العصيان المدني والتصادم مع رجال الأمن. وتضمنت الأعمال التي اقترفتها العناصر المنضمة للعصابة إقامة الحواجز على الطرقات والسكك الحديدية لمنع حرية الجولان بغاية شلّ كل حركة اقتصادية بالجهة وكذلك الاعتداء على أعوان حفظ النظام باستعمال وسائل مختلفة من عصي وقضبان حديدية وإلقاء زجاجات حارقة عليهم. وقد أدت هذه الأعمال إلى إصابات بليغة في صفوف رجال الأمن والمواطنين وإلى إلحاق أضرار مادية جسيمة في الممتلكات العمومية والخاصة. وقد قضت محكمة الاستئناف بقفصة بتأكيد الحكم الصادر ابتدائيا ضد السيد الفاهم بوكدوس تبعا لثبوت إدانته بالأعمال الاجرامية المنسوبة إليه. وبالتالي ليس هناك مجال للزعم بأن السيد الفاهم بوكدوس حوكم من «أجل تغطيته الصحفية للاحتجاجات بالحوض المنجمي» مثلما ورد في تصريح الناطق باسم الخارجية الأمريكية، بل أن المعني بالأمر قد تمت مساءلته قضائيا من أجل أنشطة اجرامية لا علاقة لها من قريب أو من بعيد بأي نشاط صحفي، علما وأن السيد الفاهم بوكدوس تمتع في جميع مراحل محاكمته بكافة الضمانات القانونية. أما عن الأحكام التي أطلقها المتحدث باسم الخارجية الأمريكية حول أوضاع الحريات في تونس فهي مجانبة للواقع تماما وذلك للاعتبارات التالية: عوض أن يزعم الناطق باسم وزارة الخارجية الأمريكية ب«تراجع في الحريات السياسية» في تونس، فقد كان من الأحرى أن يتحدث عن تنامي هذه الحريات ورسوخها المتزايد في الواقع والقانون. فالأحزاب السياسية وكافة مكونات المجتمع المدني وكل المواطنين، باختلاف انتماءاتهم وحساسياتهم الفكرية والسياسية، يشاركون في الحياة العامة بكل حرية وبشكل متنام. وإن اتساع هامش مشاركة مرشحي المعارضة خلال الانتخابات الرئاسية والتشريعية والبلدية الاخيرة وارتفاع عدد ممثلي المعارضة في مجلس النواب والمجالس البلدية اثر هذه الانتخابات لخير دليل على ذلك. فقد شارك في الانتخابات التشريعية لسنة 2009 مرشحون عن 9 أحزاب و15 قائمة مستقلة. وفاز مرشحو المعارضة بنسبة 25٪ من المقاعد (مقابل 20٪ سابقا). ويشار ايضا الى ان عدد المستشارين البلديين المنتمين للقائمات المعارضة والمستقلة الفائزة في انتخابات 2010، قد بلغ 418 مستشارا اي بزيادة 150 مستشارا. وقد تم ادخال جملة من الاصلاحات القانونية قبل الانتخابات من اجل تعزيز مشاركة المواطنين في الحياة السياسية وضمان تعددية الترشحات في الانتخابات. وتم في هذا النطاق التخفيض في سن الترشح لعضوية مجلس النواب والمجالس البلدية الى 23 عاما والتخفيض في سن الانتخاب من 20 الى 18 عاما. وتم تحديد سقف أقصى بنسبة 75٪ لا يمكن لأية قائمة انتخابية ان تتجاوزه وذلك حتى يتسنى لقائمات أحزاب المعارضة الفوز في الانتخابات بنسبة 25٪ او أكثر. كما أضفى تنقيح الفصل 40 من الدستور مرونة أكبر على شروط الترشح لرئاسة الجمهورية، مما أتاح الفرصة لثلاثة من مرشحي المعارضة لمنافسة رئيس الجمهورية في انتخابات اكتوبر 2009. وفي اطار نشر ثقافة الديمقراطية والتعددية لدى الناشئة، انتخب الشباب التونسي مؤخرا ممثليه في برلمان الشباب الذي سوف ينطلق يوم 25 جويلية الجاري. وأضاف المصدر المأذون بوزارة الشؤون الخارجية انه ليس هناك بتاتا ما يبرر حديث الناطق باسم الخارجية الامريكية عن وجود «تضييقات على حرية التعبير» في تونس. فحرية التعبير مضمونة في القانون وفي الممارسة، وذلك على كافة الاصعدة بما فيها السياسية والصحفية والثقافية. ومن الملاحظ ان الصحف الناطقة باسم أحزاب المعارضة تصدر بانتظام وهي تعبر عن مواقف أحزابها وآرائها دون اية قيود بما في ذلك المواقف التي تنتقد السلطات وسياسات الحكومة. كما أن وسائل الاعلام الخاصة تحدد بكل حرية واستقلالية خطها التحريري. ويشار في هذا الصدد الى ان القطاع الخاص يمتلك أغلبية الصحف والمجلات والدوريات وجانبا متزايدا من القنوات الاذاعية والتلفزية. وتوفر وسائل الاعلام العمومية منابر حوار تعددية يشارك فيها ممثلو كافة الاحزاب السياسية ومكوّنات المجتمع المدني ومواطنون يعبّرون من خلالها عن مواقفهم تجاه مختلف المسائل المطروحة. وتساءل المصدر المأذون بوزارة الشؤون الخارجية في الختام كيف يمكن لناطق رسمي لدولة صديقة ان يحول قضية عنف واعتداء على الاشخاص والممتلكات الى قضية حريات صحفية؟ وتساءل أيضا كيف يمكن لمتحدث رسمي باسم دولة صديقة ان يزعم بوجود «تراجع» على مستوى الحريات السياسية في تونس في حين أن كل المعطيات الموضوعية تؤكد التقدم الذي ما انفكت تحققه بلادنا بخطى ثابتة لا رجعة فيها نحو ترسيخ مقومات مجتمع تعددي ديمقراطي يفسح مجال حرية الرأي والتعبير أمام كل المواطنين.