صعوبات كبيرة عاشها ويعيشها عديد الفلاحين ومربّو الماشية، وأساسا الصغار منهم، الذين تضرّرت زراعاتهم وتقلّصت مداخيلهم وموارد رزقهم. عوامل عديد وقفت وراء الوضعية أولها مناخيةوتتمثل في النقص الحاد في الأمطار واضطرابات تساقطها على مدى الموسم، إذ كانت شحيحة في بداية الموسم ووسطه وبكميات فاقت المألوف قبيل الحصاد مما أضرّ بالصابة وبجودة المنتوج، وهو ما سينعكس سلبا على المواد العلفية وبالتالي على تربية الماشية. وإذا كانت العوامل المناخية فوق الجميع ولا يمكن توقعها أو ردّها الا بمزيد تفعيل صندوق التأمين ضد الجوائح الطبيعية، فإن عدّة عوامل تحالفت على الفلاّح وأسقطته بالضربة القاضية ومنها ارتفاع أسعار البذور والأسمدة وكلفة اليد العاملة. وحتى الصابة ووفرة المنتوج لم تخدم الفلاّح بل انه تضرر منها وخاصة بالنسبة لمنتجي الطماطم والبطاطا الذين اضطروا الى بيع الصابة بأسعار متدنية غطّت بالكاد الكلفة فيما اضطر آخرون الى القاء جزء من الصابة لغياب الطلب من السوق ولعدم توفر امكانيات خزن وآليات تدخل للتحكم في الوفرة وتكوين مخزونات تعديلية. وكالعادة لم يستفد المستهلك من تدنّي الاسعار لدى المنتجين لتذهب الارباح الى الوسطاء وكبار التجار. ولا شك ان نتيجة كل هذه الأوضاع والصعوبات ستضعف قدرة الفلاح على الايفاء بالتزاماته المالية تجاه البنوك وهو ما يعني تحمّله لفوائض هامة جرّاء عجزه عن تسديد ديونه في مواعيدها وبالتالي ضعف امكانية حصوله على قرض جديد لتمويل الموسم القادم. وتؤشر الصعوبات التي عاشها وسيعيشها مربو الماشية على ارتفاع هام في أسعار اللحوم خلال رمضان وعيد الاضحى في ظل زيادة الاستهلاك خلال هذه الفترة وارتفاع كلفة الانتاج والتدخلات المنتظرة للمضاربين والمحتكرين. إن ما يعيشه الفلاحون والمربّون الآن يتطلب تدخلا عاجلا لحمايتهم ومساعدتهم حماية لمنظومة الانتاج التي تعدّ بدورها ضمانة للمستهلك ولتزويد منتظم للسوق.