لمّا كانت وزارة الثقافة والمحافظة على التراث، مسؤولة على التظاهرات الثقافية الكبرى ببلادنا، وخاصة منها التظاهرات الدولية، فإنها المسؤولة على توفير كل ظروف إنجاح هذه التظاهرات. ولما كان ذلك كذلك، فإن من أبرز ظروف النجاح توفير الامكانات المادية اللازمة والضرورية التي تخصّ العروض وتوفير الاقامة المريحة لضيوف التظاهرات الأجانب. وسنقف عند هذه النقطة بالذات فالاقامة المريحة لضيوف تظاهراتنا الثقافية متوفرة وكل من زار تونس تحدث عن حسن الضيافة والاستقبال ولكن كل ذلك حتما بمقابل بل بأموال طائلة. ولننطلق من تظاهراتنا الثقافية الكبرى التي تنظمها وزارة الثقافة والمحافظة على التراث بتونس العاصمة والمتمثلة أساسا في تظاهرات «مهرجان قرطاج الدولي»، و«أيام قرطاج المسرحية»، و«أيام قرطاج السينمائية»، وربما بنفس الكيفية، تظاهرة «أيام قرطاج الموسيقية»، لاحقا. كل هذه التظاهرات الثقافية الدولية الكبرى، التي تنظمها وزارة الاشراف، تعرف استضافة عديد النجوم من العالم العربي ومن العالم عموما، وكل سنة تسهر الوزارة على توفير أفضل إقامة لضيوف تونس المشاركين في تظاهراتها الثقافية الكبرى أو المكرّمين فيها، لذلك تنفق الوزارة أموالا طائلة لتوفير أجنحة خاصة لبعض النجوم بأكبر النزل بضاحية قمرت، وسهرة واحدة لفنان صحبة فرقته الموسيقية كلفتها أكثر من مداخيل شبابيك التذاكر، ويحدث هذا خاصة في مهرجان قرطاج الدولي. قد يذهب البعض الى أنه ثمّة اتفاقيات بين وزارة الثقافة والنزل الذي تتعامل معه، تتضمّن تخفيضا لأسعار الاقامة، إلا أن المصاريف تظلّ كبيرة وكبيرة جدا في هذا الاطار، وهي مصاريف متأتية بالأساس من المال العام، فضلا عن أن الوزارة من مسؤولياتها تمويل الأعمال المسرحية والسينمائية وغيرها من أعمال القطاعات الثقافية لذلك وجب إيجاد حلّ يراعي كل هذه الضروريات ويخفّف أو يقلّل من المصاريف. إن الحل موجود، ولا ريب، وفكرة بسيطة أحيانا تنير السبيل، فلمَ لا يقع بناء نزل خاص بوزارة الثقافة والمحافظة على التراث، تتوفر فيه كل عناصر الاقامة للفنانين والممثلين والكتاب في تظاهرات بلادنا الثقافية. وفكرة بناء النزل، هذه، على «بداهتها»، إن كانت كذلك، قد يقال انها تكلّف أموالا طائلة، وهذا صحيح، فإنها في المقابل اقتصادية، ولو قمنا بعملية احصائية للمصاريف الخاصة بإقامة ضيوف تظاهراتنا الثقافية منذ بدايتها لوجدنا أنها أكبر من كلفة بناء نزل واحد أو نزلين، فضلا عن أن النزل يمكن توظيفه لتحقيق مداخيل إضافية تساهم في إثراء ميزانية الوزارة، طبعا، خارج مواعيد التظاهرات الثقافية. وتجدر الاشارة الى أن فكرة مشروع النزل الثقافي، هذه ليست مستحيلة أو صعبة، لأن المستحيل ليس تونسيا، وخاصة في هذا العصر الذي تحقّقت فيه عديد المكاسب للبلاد والعباد على حدّ السواء في ظلّ السياسة الرشيدة لرئيس الدولة. كما أنه بالامكان إبرام اتفاقيات تعاون بين وزارات الثقافة والسياحة والتجهيز والاسكان لإنشاء مشروع ستتّضح نتائجه الايجابية مستقبلا، ويساهم حتما في الحفاظ على المال العام.