تصاعدت حدة التوتر بين فنزويلا والفاتيكان بعدما أمر الرئيس هوغو شافيز بمراجعة الاتفاقيات المبرمة بين كاراكاس و«الكرسي الرسولي»، وذلك على خلفية الحملة التي يشنها الأساقفة الفنزويليون على الرئيس اليساري المناهض للولايات المتحدة، ودعمهم الواضح للمعارضة اليمينية في تلك الدولة الأمريكية اللاتينية ذات الغالبية الكاثوليكية. وقال شافيز، خلال اجتماع لقياديين من الحزب الاشتراكي الموحّد في فنزويلا مساء أمس الأول، إن الاتفاقيات التي أبرمت بين فنزويلا والفاتيكان في عهد الرئيس الأسبق رومولو بيتانكور (1959 1964) قد منحت الكنيسة الكاثوليكية الكثير من الامتيازات على حساب الكنائس الأخرى، في ما يعد انتهاكا فاضحا للدستور، مشددا على أنه «آن الأوان لإعادة النظر في هذه الاتفاقيات». وقال مراقبون إن الرئيس الفنزويلي قد سعى بتصريحاته تلك إلى إعادة التذكير بسياسة التهميش والقمع التي واجهتها الكنائس المحلية المنبثقة من تيار «لاهوت التحرير» في أمريكا اللاتينية، والتي بلغت ذروتها مع وصول البابا الراحل يوحنا بولس الثاني إلى السدّة البابوية في عام 1978، وتعيينه الكاردينال جوزيف راتسينغر (البابا الحالي بندكت السادس عشر) رئيسا لمجمع العقيدة والإيمان. ورأى شافيز أنّ «الاكليروس يمتلك نفوذا لا حق له فيه»، مشددا على أن «الشعب لن يخدع بأولئك الذين يريدون إبعاده عن النضال». واستشهد بالمغني الفنزويلي أليخاندرو بريميرا، الذي قال يوما «إذا أردت مساعدة من راهب، فإياك أن تذهب إلى الأسقف». واعتبر الرئيس الفنزويلي أن «البابا ليس سفيرا للمسيح على الأرض»، موضحا أنّ «المسيح لا يحتاج إلى سفراء... إنه حاضر في كل مكان، وخصوصا في المناطق التي نناضل فيها من أجل العدالة وتحرر الفقراء». وتأتي تصريحات شافيز، في الوقت الذي يشتد فيه الصراع بين مجلس الأساقفة الفنزويليين والمعارضة اليمينية من جهة، ومناصري «الثورة البوليفارية» من جهة أخرى، وذلك قبل شهرين من موعد الانتخابات التشريعية، التي يسعى أنصار الرئيس اليساري من خلالها إلى تعزيز موقعهم في البرلمان. وكانت حملة الأساقفة الفنزويليين على شافيز قد بلغت ذروتها الأسبوع الماضي، عندما شنّ الكاردينال أوروسا سافينو هجوما حادا على شافيز، متهما إياه بقيادة البلاد «نحو دكتاتورية ماركسية لينينية» تستند إلى «نموذج غريب» مستنسخ عن نظام الاتحاد السوفياتي. وجاء الهجوم الأعنف الأربعاء الماضي على لسان أسقف ميريدا، بالتاسار بورّاس الذي قال إنّ «ما يحدث في فنزويلا شبيه بما حدث في ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية وإسبانيا في عهد (الدكتاتور) فرانكو».