.. غنت فأبدعت.. رقصت فأقنعت.. ردّدت فأطربت.. حلم وردي يتحقق في ليلة معطّرة بالندى عاشتها ابنة جزيرة الأحلام الفنانة نجاة عطية مع جمهور قرطاج وعلى مسرحه المجيد مساء أمس الأول في عرض «يصطادو» وفي اطار الدورة 46 من مهرجان قرطاج الدولي. بفستانها الوردي تعود بعد غياب الى خشبة مسرح عريق.. كان حلما فتحول الى واقع ملموس عندما التقت بجمهور قرطاج الذي كان في الموعد وبأعداد كبيرة ليهتف باسمها ويرحب بعودتها ويتمتع بصوت لقبه المشارقة بأم كلثوم المغرب العربي. استعدادات نجاة بدورها كانت مستعدة لحفلها خاصة بعد فشلها جماهيريا في مهرجان بنزرت الدولي لذلك أرادت أن تثبت لجمهورها أنها فنانة من طراز رفيع وكان لها ما أرادت وعاش معها جمهورها لحظات رائقة في ليلة راقية ارتحلت بالأذهان الى عالم الرومنسية والحب على متن صوت تنهدت له القلوب وتمايلت على وقعه الأجساد لتتعانق الأرواح في ذاك الأفق البعيد أين التحمت تلك الأغصان المتمايلة على وقع أنغام شقت صمت ذاك المكان لتخترق النفوس في لحظات متأتية من ذاك الزمن الجميل. مراوحة «أخاف عليك»، «وحشتك»، «نفس المكان»، «خليني بجنبك»، «صدق كلام الناس»، «شمس النهار»، «يمّا يا غالية»، «يلّي سبتك». مجموعة من الأغاني القديمة والجديدة أدتها الفنانة نجاة عطية لتؤثث سهرة أول أمس على ركح مسرح قرطاج الأثري. فاستمتع بها الجمهور وتفاعل مع صوتها وأدائها المميز وحضورها الممتاز، فغنت ورقصت و«تدلّعت» فظهرة أميرة على ركحها جميلة فوق بساطها، سعيدة بجمهورها فاختارت أن تهديه «دارت الأيام» لكوكب الشرق أم كلثوم لكن بصوت أحيا في الحضور زمن «الست»، علىحدّ تعبير أحد الحضور. نفس الانطباع تركته نجاة عندما غنت «يامّا يا غالية» حيث علق أحدهم قائلا: «لأول مرة أستمتع بهذه الأغنية بعد سلاف وعبد اللّه المناعي». مفاجأة نجاة أرادت أن تغني «خلّيني بجنبك»، مع الجمهور، إلاّ أنها تفطّنت لحضور الفنان محمد الجبالي فطلبت منه مرافقتها وقدما «دويتو» رائعا بطريقة عفوية نالت إعجاب الجمهور، غير أن الطريف أن ابن محمد الجبالي الذي كان بصحبته لم ينقطع عن البكاء الى حين عودة والده الذي فضل مغادرة الحفل صحبة زوجته. وهو ما يؤكد أن مشاعر الأبوة طغت على حبّ الجبالي للموسيقى والحفلات. الفنانون في الموعد ما يلفت الانتباه في حفل نجاة عطية أول أمس حضور مجموعة من الفنانين الذكور على غرار: محمد الجبالي ومحمد علي بن جمعة وأسامة فرحات وصلاح مصباح ورؤوف بن عمر وعماد عزيز.. غير أن الفنانات لم يسجلن حضورهن وهو ما لفت انتباه الفنانة نجاة عطية التي أكدت أنها قدمت الدعوة الى كل الزميلات على غرار ألفة بن رمضان وفائزة المحرصي ومجموعة من الأسماء الأخرى وعلّلت غيابهن بانشغالهن بالعمل.. طموح نجاح نجاة عطية الفني والجماهيري مساء أمس الأول سجل عودتها الى الساحة الفنية التونسية من الباب الكبير وهو ما جعلها تطمح الى الانتشار عربيا على حدّ تعبيرها بعد أن تأكدت من حب الجمهور التونسي لها. وعن أغنية «يصطادو» التي لم تؤدها نجاة في حفلها قالت إنها خيرت أن تتريث في تقديمها للجمهور لأنها مازالت تحت التمرين. نجوى الحيدري هوامش من الحفل تنظيم!! وتعليمات كناقد أشرنا في أحد أعدادنا السابقة أن العلاقة مع الاعلاميين تخص هيئة التنظيم للمهرجان لا غير لكن مرة أخرى تدخل الفضوليون ليوجهوا الصحفيين حتى في شؤونهم العملية بتعلة «التعليمات»! مصافحة وتشجيع وزير الثقافة والمحافظة على التراث تواجد في جلّ العروض التونسية لدعم الابداع التونسي وعلى إثر نهاية الحفل شجع نجاة وصافحها بحرارة وشدّد على أن تواصل إبداعها في مجال الغناء ويعود بريق نجوميتها. نشوة رغم التعب نجاة عطية أحسّت بالنشوة بعد أن تفاعل معها الحضور طيلة السهرة فواصلت الغناء في الكواليس وغنّت الأغنية الجربية «يصطادوا» التي استحسنها الجميع. غبطة وفرح مع كل توافد لعناصر جديدة من الجمهور على مدارج المسرح الأثري كانت نجاة تزداد فرحا وغبطة لتتحمس أكثر أثناء الغناء. بكاء وطرب نجاة عطية غنّت «يامّة يا غاليّة» بإحساس فيّاض فأثرت في البعض وأعادت لهم بعض الذكريات لينخرطوا في البكاء الممزوج بالإحساس الطربي. نجاة أدّت الأغنية بحرفية تامة عكس بعض زملائها الذين شوّهوها ونسبوها إليهم. ارتباك حضور وزير الثقافة زاد من تشجيع نجاة ولما حاولت شكره تلعثمت وارتبكت ونطقت باسمه بعد عسر عسير لتدخل في حالة من الارتباك تخطتها برقصة مجانية لما عادت الى الغناء. أناقة جل الحاضرات ركزن على جمالية فستان نجاة حتى أن احدى الحاضرات علقت قائلة: «سأرتدي مثله في حفل زفافي». عتاب وزير الثقافة أعلم نجاة أنها ركزت على الأغاني الشرقية أكثر فكانت إجابتها بأنها كانت تحاول المراوحة وإرضاء جميع الأذواق وإبراز قدراتها الفنية. استغراب أعضاء الفرقة لبسوا بدلات سوداء أفسدت مظهر الركح مما أدخل الاستغرب لدى المتفرجين. الجبالي يغني مجانا نجاة عطية كانت في بعض الأحيان مرتبكة فاستعانت بمحمد الجبالي الذي صعد على الركح وساعدها في الغناء مجانا للديو «خلّيني بجنبك» فكان لسان نجاة يقول «خليك بجنبي يا محمد الجبالي فلقد طغى عليّ الارتباك». تناقض أثناء الندوة الصحفية صرّحت نجاة أن حضور الجمهور لا يهمها بقدر ما يهمها تقديم عرضها الفني لكن لما تجاوز عدد الجمهور على ما كان عليه في مهرجان بنزرت شعرت بسعادة لا توصف حتى أنها دخلت في حالة من الارتباك. مهمة سرية عديد الزملاء تكفلوا بالبحث عن الحافلات الصفراء الناقلة للجمهور المجاني لكنهم عادوا بخفي حنين. الحذاء يمنع نجاة من الرقص نجاة عطية حاولت الرقص أثناء العرض لكن علو كعب الحذاء منعها من ذلك، يبدو أن نجاة ندمت على انتعاله لتفجّر طاقاتها في الرقص.