كانت الجموع تترقّبه، وكان الاعلاميون مستعدين للانقضاض عليه لعلهم ينتزعون منه تصريحا وجملة غير مفيدة لا يهم إن كانت جملة إسمية أم فعلية، المهم أن يحرّك النجم شفتيه، وبعد طول انتظار تدخل سيارة سوداء فخمة لا تحمل أي رقم منجمي، تسارعت خطى المتطفلين، وصيادي الأخبار في المياه المعلبة، انزوت السيارة، واشرأبّت الأعناق الى أبوابها لاستقبال النجم الذي فاجأ الجميع ونزل من سيارة أخرى كانت تتبع الأولى ربّما للتمويه كما يفعل كبار النجوم والمسؤولين. دخل النجم محاطا بحرّاسه من مكان مظلم خفي عن الجمهور رافضا الادلاء بأي تصريح تلفزي أو إذاعي أو مكتوب، إلا أنه تنازل ونزل من برجه العاجي وردّ التحية على الصديقين الفاضلين المولدي الهمامي وصالح بيزيد، ثم ابتلعه المكان وأغلقت أبواب البناية وخاب من هبّ لاستقبال النجم والتسليم عليه من المسؤولين بمن فيهم من وفّر له المال الكثير والوفير مقابل اعتلائه للركح قبالة الجمهور الذي كان كثيفا وغصّت به الساحة بعضهم حبّا في هذا النجم وأغلبيتهم هروبا من منازلهم من شدّة الحرّ الذي ميّز تلك الليلة. ينفتح باب من الأبواب الموصدة ويخرج أحد أتابع النجم ليقدم احتجاجا رسميا على نوعية الكؤوس التي قدمت للنجم إذ أنها كانت شعبية، معنى ذلك أن هذا النجم لا يشرب من الكؤوس التي يرتوي منها الشعب. باختصار ربما كنت ومازلت متأثرا بكأس العالم الأخيرة، صدّقوني إن كل شيء في تلك الليلة كان يوحي إليّ بأن النجم هو دياغو أرماندو مارادونا. وكيف لا أتخيل ذلك وشبح النجم الذي رأيته في الظلام هو شبح مارادونا، والحراسة حراسته والطلعة طلعته، والهيلمان هيلمانه، وحتى الهامة هامته حجما وطولا وعرضا، هكذا خيّل إليّ وكذّب النجم خيالي عندما خرج وغنّى: «يا لالنّي ويا لالنّي». إنه زياد غرسة في مهرجان تستور للمالوف، في سهرة رائقة ناجحة بملاحظة «يا لالنّي عاود يا لالنّي».