تونس تدعو دول منظمة التعاون الاسلامي إلى إقامة شراكة متضامنة ومستدامة في مجال البحث العلمي    الجزائر تتهم فرنسا بخرق اتفاق الجوازات الدبلوماسية    صقاقس: افتتاح وحدة جديدة لتصفية الدم مخصصة للأطفال بالمستشفي الجامعي الهادي شاكر    تزوجته عرفيا: تونسية تخفي جثة زوجها بوضع الملح عليه وتفر    الخارجية الجزائرية: سنرد بالمثل على إلغاء فرنسا اتفاق الجوازات    صفاقس: افتتاح وحدة حديثة لتصفية الدم بالمستشفى الجامعي الهادي شاكر    الهيئة الوطنية للسلامة الصحية تحجز حوالي طُنّ من الدجاج غير الصالح للاستهلاك    قابس: وفرة في عدد الأضاحي مع انخفاض أسعارها مقارنة بالسنة الفارطة (رئيس الاتحاد الجهوي للفلاحة)    موسم الحبوب: تخصيص 194 مركز تجميع للصابة بكامل البلاد بطاقة تخزين جملية تناهز 7.2 مليون قنطار    سنة 2024: تونس تعيد استعمال 65 مليون متر مكعب من المياه المعالجة    سوسة: حريق بغرفة محرك القطار    وزارة العدل تؤكد أنها اعتمدت "الشفافية والنزاهة" في ضبط قائمة الناجحين في مناظرة الخبراء العدليين    تأجيل قضية اغتيال الشهيد شكري بلعيد    أمريكا أولا و إسرائيل ثانيا ..شرق أوسط جديد يتشكّل هذه ملامحه ؟ !    تصنيف لاعبات التنس المحترفات - انس جابر تتقدم مرتبة واحدة وتصبح في المركز الخامس والثلاثين    كاس افريقيا للاندية الفائزة بالكؤوس لكرة اليد : الترجي الرياضي يفوز على ريد ستار الايفواري 34-19    رابطة ابطال اسيا 2 : التونسي فراس بلعربي يقود الشارقة الاماراتي للقب    سبل تطوير العلاقات التونسية القطرية في مختلف المجالات أبرز محاور لقاء وزير الخارجية بنظيره القطري في الدوحة    القصرين: حجيج الجهة يتوجّهون اليوم إلى البقاع المقدّسة انطلاقا من مطار المنستير-الحبيب بورقيبة الدولي    الإطاحة ب'الشبح': منحرف خطير اقترف سلسلة سرقات طالت رجال أعمال وأطباء    الصرارفي: "اللباس التقليدي للمهدية والجبة التونسية مرشحان لتصنيف اليونسكو كتراث عالمي غير مادي"    الفيلم التونسي "ميما" يحصد جائزتي أفضل إخراج وأفضل تمثيل نسائي بالمهرجان الدولي لسينما الواقع بطنجة المغربية    سليانة: بمشاركة 26 مندوبية و52 تلميذا: ملتقى فنون الصورة والسينما والفنون التشكيلية بالمدارس الإبتدائية    المدرسة الابتدائية السبالة...تتويج بالجائزة الأولى في الملتقى الجهوي للمسرح    أسبوع المسرح البلدي: 5 عروض على ركح المسرح البلدي بالعاصمة من 20 إلى 25 ماي 2025    أمام وزارة النقل... «التاكسيستية» يتمرّدون    تحويل جزئي للمرور بساحة باردو على مستوى الطريق الوطنية رقم 7 ورقم 5 وشارع بيرم التونسي    نجاح أول عملية قسطرة عبر منصة "نجدة" الرقمية لمرضى القلب في ولاية مدنين    تونس تدعو إلى تعاون مسؤول للحدّ من هجرة الكفاءات الصحية    من الصحة إلى الطاقة: تونس تطلق سباقًا ضد الزمن لاستكمال المشاريع الوطنية    موعد رصد هلال ذي الحجة    تطور نسبة الأمية في 10 سنوات    الجيش المصري يعلن سقوط طائرة عسكرية ومقتل طاقمها    صيف 2025 أكثر سخونة من المعتاد في تونس.. #خبر_عاجل    عاجل/ مدنين: احتراق شاحنة ليبية بالكامل    النادي الافريقي: حمزة بن عبدة يخضع لتدخل جراحي    عاجل/ فرنسا وبريطانيا وكندا يهدّدون باتّخاذ إجراءات ملموسة ضد الإحتلال    تصريح مؤثّر من والد رحمة لحمر بعد الأحكام الأخيرة في القضية.. #خبر_عاجل    عاجل/ بلاغ هام من رئاسة الحكومة بخصوص تسوية وضعية هؤلاء العملة    احتقان الأنف عند الأطفال: الأسباب والعلاج    إصدارات.. الحكاية الشعبية لتنشيط الشباب واليافعين    لطيفة تستعد لألبوم صيف 2025 وتدعو جمهورها لاختيار العنوان    الكاف: تأخّر منتظر في موعد انطلاق موسم الحصاد    عاجل/ بعد حصار لأكثر من شهرين: شاحنات مساعدات تدخل غزّة وهذا ما تحمله    النادي الإفريقي.. بلاغ عن لجنة الإشراف على الجلسات العامة والمنخرطين    عاجل/ الكشف عن موعد انطلاق بطولة الموسم القادم والسوبر    هذا موعد رصد هلال شهر ذي الحجة..#خبر_عاجل    لهذا السبب فلاحوا تطاوين يعترضون على التسعيرة الرسمية لبيع الأضاحي بالميزان    رصد هلال ذو الحجة 1446 ه: الرؤية ممكنة مساء هذا التاريخ    الصحة العالمية: مليونا شخص يتضورون جوعاً في غزة    الحج 2025 الخطوط التونسية رحلات مخصصة وامتيازات استثنائية في نقل الأمتعة    هام/ غدا: جلسة عامة بالبرلمان للنظر في هذا القانون..    لا تُضحِّ بها! هذه العيوب تُبطل أضحيتك    فياريال يصدم برشلونة في يوم احتفاله بلقب الليغا    كرة سلة: تونس تحتضن البطولة العربية لمنتخبات الأكابر من 25 جويلية الى 2 اوت القادمين    ترامب يعرب عن "حزنه" إزاء إصابة بايدن بالسرطان    طقس الاثنين: ارتفاع في درجات الحرارة    من تجب عليه الأضحية؟ تعرّف على الشروط التي تحدّد ذلك    









وقفة متأنية: ثورتا تموز في مصر والعراق وفلسطين الرمز الحاضر فيهما
نشر في الشروق يوم 24 - 07 - 2010


بقلم: عبد الرحمان مجيد الربيعي
إذا كنت قد كتبت في الأسبوع الماضي عن ثورة 14 تموز (جويلية) العراقية بعد 52 عاما مرّت عليها، وما أخذت وما أضافت فإن هناك ثورة تموزية رائدة أخرى في مصر.
(لاحظوا أننا العرب أطلقنا عدة تسميات لشهر تموز فهو في المغرب العربي جويلية وفي مصر يوليو) ولكن المهم أن ثورة مصر نفذها الضباط الأحرار بستّ سنوات قبل ثورة العراق، ولذا يمكن القول دون تحفّظ إن الثورة الرائدة في مصر وبعدها في العراق كانتا مفتاحا لثورات أخرى في ليبيا والسودان واليمن وعرفت سوريا كمّا من الانقلابات والتحولات التي أوصلت الرئيس حافظ الأسد الى الحكم واستمرّ عهده دون تلك المتغيرات حتى بعد رحيله واستلام الحكم من قبل الرئيس بشار الأسد الذي مرّ على حكمه عشر سنوات استطاع فيها أن يسيّر دفة الحكم بذكاء وحكمة وليس هذا موضوع حديثنا.
عندما أراجع ما بقي في الذاكرة عن ثورة مصر أرى اختلافها عن ثورة العراق ويمكن أن نصف ثورة مصر بالثورة البيضاء لأنها لم تقترن بالدم، وقد تمّ تسفير الملك فاروق عن طريق البحر الى إيطاليا باختياره على أن يكون ولده الطفل وليا للعهد، ولكن هذا لم ينفذ وتحول الحكم الملكي الى جمهوري، لم يقتل أحد ولم تسحل جثث في الشوارع ولم ترتكب بشاعات، كما لم تنصب محاكم عسكرية مثل محكمة المهداوي المسماة محكمة الثورة التي اقتيد إليها من بقي حيّا من رجالات العهد الملكي وحكم على البعض منهم بالاعدام وتمّ تنفيذ الحكم فيه فعلا.
ولكن للثورتين أهداف وطنية وقومية، وكان عبد الناصر قائد ثورة مصر مقتنعا بالدور المصري عربيا وإفريقيا، وأصبحت الوحدة العربية أحد شواغله الأساسية في زمن لا يسمح أعداء الوطن العربي لأي تقارب بين هذا البلد أو ذاك فكيف إذا كان هذا التقارب وحدة؟ ولذا سرعان ما أفشلوا الوحدة الرائدة بين مصر وسوريا التي انبثقت عنها الجمهورية العربية المتحدة التي كان من الممكن لها لو تواصلت أن تضمّ بلدانا عربية أخرى.
ونجد أن وحدة مصر وسوريا قابلها الاتحاد الهاشمي نسبة الى الأسرة الملكية الحاكمة في كل من الأردن والعراق وهو اتحاد بعيد كل البعد عن وحدة مصر وسوريا إن لم نقل كان ردّ فعل عليها، وقد ذكر أن مهندسه كان السياسي الأول في العراق الملكي نوري السعيد.
وفي الوقت الذي تألق فيه، اسم عبد الناصر وصار أحد أكبر زعماء العالم الثالث وصار مقترنا بأسماء قادة أمثال تيتو ونكروما ونهرو اكتفى عبد الكريم قاسم رغم شعبيته العراقية الواسعة التي لم يحظ بها زعيم عراقي غيره بحضوره داخل العراق، ولم يكن متحمسا لدعوات الوحدة التي أرادها القوميون ومحبو عبد الناصر وتجربته، ولذا كثرت محاولات الانقلاب عليه، ولكن عبد الكريم قاسم لم ينسق مع ما كان يكيله له الأعلام المصري حيث لقّبه المذيع أحمد سعيد (قاسم العراق) وكان ردّه جملة واحدة في احدى خطبه (أن العراق جزء من كل وليس جزءا من جزء) والمعنى واضح، وسقط قاسم ولم تقم الوحدة ولا حتى الاتحاد، ولعله كان يعرف هذا لأن شعاره كان (اتحاد فيدرالي) الذي سوّقه الشيوعيون وأضافوا إليه عبارة (صداقة سوفياتية).
أتوقف عند هذا الحد من الاسترسال لأعود الى مسألة مهمة وهي أن كلا من قائد ثورة مصر عبد الناصر وقائد ثورة العراق عبد الكريم قاسم من القادة العسكريين العرب الذين شاركوا في حرب فلسطين، وكانا قد قاتلا ببسالة، ولولا خيانات الأنظمة لانتهى المشروع الصهيوني كله، أقول هذا غير مبالغ لأن العصابات الصهيونية لا قدرة لها على مواجهة جيوش نظامية مدربة يقودها عسكريون حكماء من طراز عبد الناصر (مصر) أو عبد الكريم قاسم وعمر علي (العراق). وربما كانت فضيحة الأسلحة الفاسدة في مصر التي فجّرها الصحفي المرموق احسان عبد القدوس حيث كان السلاح يرتدّ على صاحبه احدى علامات تواطؤ الأنظمة مع أعداء العرب وداعمي المشروع الصهيوني أمثال أمريكا وبريطانيا وفرنسا.
أما بالنسبة الى العراق فقد شاعت عبارة (ماكو أوامر) أي لا توجد أوامر للقتال، هذه العبارة التي كانت تمنع الجيش العراقي الموجود في فلسطين من القتال، ومع هذا قاتل وحرّر أرضا وقدم الشهداء الذين مازالت مقبرتهم في منطقة «كفر قاسم» دليلا على حماسهم لتحرير الأرض العربية.
كانت ذكريات حرب فلسطين حاضرة في فكر عبد الناصر الذي وجد أن لا حلّ إلا بالتخلّص من (نظام الأسلحة الفاسدة)، وبدأ تشكيل الخلايا للضباط الأحرار تمهيدا لقيام الثورة.
وكذا الأمر في العراق بالنسبة الى الزعيم عبد الكريم قاسم ورفاقه الذين وجدوا أن لا فائدة إلا بإنهاء حكم (ماكو أوامر).
إذن درس فلسطين استوعبه زعيما الثورتين، وقد نصّ بيان ثورة 14 تموز في العراق على العمل لتحرير فلسطين، وليس بين يديّ نصّ بيان ثورة يوليو في مصر لأرى ان كان قد نصّ على فلسطين أو تحدث عنها.
وأود أن أقول هنا معلومة أخرى إن نواة تأسيس جيش تحرير فلسطين بدأت في العراق في عهد الزعيم عبد الكريم قاسم.
كان كل من عبد الناصر وعبد الكريم قاسم قادمين من قلب المعاناة على الجبهة، ولذا انشغل عبد الناصر بالجيش المصري وتسليحه وهذه مسألة معروفة وانشغل بالمسألة نفسها عبد الكريم قاسم.
هذا يؤكد أن فلسطين ستظلّ جرحا وتظلّ محفّزا وتظلّ عنوانا وتظلّ حقا وراءه ملايين المطالبين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.