ربّما لم تتوفّر الظروف الكافية لتجعل من المواجهة بين لبنان واسرائيل، التي حدثت قبل أيام بسبب ما بات يُعرف «بشجرة العديسة»، حربا شاملة، ولكن الاكيد أن اسرائيل، تسعى الى العدوان. فالعدوان في قاموسها منذ أن فُرضت في المنطقة، هو «الدفاع عن النفس»، وهو بذلك مساو لبقاء هذا الكيان واستمراره. اسرائيل تسعى الى العدوان، وعلى الرغم من التعهّد الذي نقلته قيادة القوات الدولية المؤقتة في جنوب لبنان، عن الطرفين اللبناني والاسرائيلي بالعمل من أجل عدم تكرار المواجهة من جديد، فإنّ تصرفات اسرائيل تشي بسعي مسعور من أجل اسكات صوت المقاومة المسموع من غزّة أو لبنان أو سوريا. وبالنسبة الى إسرائيل فإن هذا الصوت بات يشكّل نشازا مرفوضا. وطالما لم يتم حسم هذه المسألة بصفة نهائية، فإنه لا يمكن من منظور اسرائيل، ان يكون للسبق الذي تحققه ضد «اعدائها»، (بفرض التسوية وفقا لشروطها هي، وعلى خلفية الامر الواقع الذي تفرضه في تهويد القدس ومواصلة الاستيطان) أي معنى. ومن هنا كان الاستفزاز للجيش اللبناني، والذي لا يمكن ان يخرج عن كونه مجرّد جسّ نبض او اختبار لما يمكن ان يكون عليه الموقف، عندما تختار قيادة الحرب، لحظة العدوان المؤجّل منذ الهزيمة في 2006، ومنذ مرّغ صمود العزّل في غزّة، سمعة «الجيش الذي لا يقهر»! اسرائيل لا تتوقّف عن العدوان، أو الاستعداد للعدوان، فقد قامت وتوسّعت على أساس ذلك المبدإ. وهي كما نرى هذه الأيام تتحرّش صراحة بلبنان، وتستفزّ السوريين في الجولان، وهي تعتدي مباشرة على غزّة، وتعتقل وتغير في الضفة. وفوق كل ذلك تتوعّد ايران بالويل. وما كانت لتستمر في ذلك، لولا إدراك قياداتها انها فوق المحاسبة. وما الموقف الذي اتخذته قيادة «اليونيفيل» في الجنوب اللبناني من اقتحام الجنود الاسرائيليين لحدود لبنان الا أنموذجا لما يلقاه الكيان الاسرائيلي من غطاء دولي، وستتوقف اسرائيل عن الحرب والعدوان او التهديد بهما، لحظة تدرك انها لا تشكّل استثناء في القانون الدولي.