... حرارة مرتفعة تحتاج إلى مياه البحر المنعشة والتي تحتاج بدورها الى مصاريف مادية للأسرة العادية حتى تلتحق بهذه الشواطئ.. رمضان على الأبواب والتحضيرات له من أولويات التونسي إذ أنه سيتزامن مع موعد انقضاء ثلاثة أرباع المرتب ومن بعده العيد الذي يلتقي بدوره مع العودة المدرسية وما أدراك ما العودة المدرسية.. كتب، كراسات.. وحضانة مدفوعة الأجر مسبقا. هذه الرباعية.. رباعية الاصطياف ورمضان والعيد والعودة المدرسية يراها الكثيرون أنها الحصن الحصين الذي يقف صدّا بين التونسي والمهرجانات الصيفية.. حيث أن أغلب مقاعد المهرجانات خالية من الحضور في صائفة هي صائفة استثنائية. كيف يراها التونسي؟ مهرجانات صيفية على رأس الرباعية.. يقاطعها مكرها بسبب ضيق اليد.. وآخرون يختارون العروض المميزة التي قد لا تتاح الفرصة لحضورها ثانية فتؤجل مشاهدة العروض التونسية الى حين.. ذوقنا رفيع لكن .. «نعم ذوقي رفيع وكذلك ذوق زوجتي لكن الظروف هي التي تتحكم في أذواقنا وكذلك تحدد خياراتنا.. والفترة القادمة صعبة على التونسي بفضل هذه الرباعية». هكذا علق على الأمر السيد مختار موظف بنكي وزوجته تشتغل بسلك التعليم مضيفا: «الحمد للّه أن لي طفلين فقط فهذه الصائفة خاصة جدّا.. الطقس جدّ حار وإلحاح الأطفال يزيد على الذهاب الى البحر ومن حقهم السباحة والذهاب لن يكون مجانيا لأنه سيتكلف ماديا، لذلك فإن سهرات المهرجان تعتبر أمرا ثانويا حاليا. شخصيا خيرت حضور سهرة ربما لن تتاح لي الفرصة في يوم من الأيام لحضورها وهي سهرة ماجدة الرومي.. باقي السهرات وخاصة التونسية منها أجلتها، ليس كوني لا أحبها ولكن هناك دائما فرص أخرىلحضورها سواء بالمهرجانات المحلية أو حتى شتاء ثم إن الذهاب الى المهرجان في حدّ ذاته يتطلب أموالا كما أن أرخص تذكرة هي 10 دنانير». الاقتراض الاجباري نفس الرأي شاطرته فيه زوجته نجاة التي رأت في حالها أنها تفكر كأم قبل أن تكون زوجة تبحث عن السهر والفرجة مضيفة: «أتدرون ما معنى رمضان وعيد وعودة مدرسية.. رمضان يتطلب الكثير من المصاريف المادية والعيد نحن مجبرون على الملابس الجديدة والحلويات والمهبة والعودة الى مسقط رأسنا بقرقنة للاحتفال بالعيد مع الأهل. والعودة المدرسية لطفلين في التعليم الابتدائي ليس سهلا في وجود محضنة مدرسية تطلب منا شهريا 160 دينارا ومسبقا.. صراحة الأمر تطلب مني أن أكون متقشفة نوعا ما». مدارج خالية ليلة الجمعة والخميس الفارطين.. بدت مدارج مسرح قرطاج شبه خالية بدورها سوى من مجموعات صغيرة هنا وهناك رغم أهمية العروض حالهما مثل حال عدد من الليالي الأخرى.. الأروقة هي الأخرى بدت خالية من الروّاد.. فارتفع سعر المأكولات والمشروبات وخلا المشرب بدوره من الحرفاء قالت عنها السيدة سندة الجامعي اطار باحدى الوزارات أنها حالة عادية جدا في فترة هي أشد الفترات حساسية هذا العام بالنسبة للتونسي خاصة في أشهر جويلية وأوت وسبتمبر وأن رباعية الأزمة دفعت بالكثيرين للاقتراض من البنك والدخول في الخط الأحمر مجبرين. مضيفة: «التونسي له ذوق رفيع في الفن لكن للضرورة أحكاما.. مصاريف العائلة والأبناء لها الأولوية.. فمرتبان داخل الأسرة للأب والأم فقط لا يكفيان اليوم». الاشتراكات هي الحل «لا أحد بامكانه أن ينكر أن صيف المهرجانات هذا العام بدا باهتا على غير عادته بمدارجه الخالية التي فقدت رونقها رغم أهمية بعض العروض.. لكن بعملية حسابية بسيطة كم يلزم التونسي من مرتب ليتمكن من دخول المهرجانات ويعيش أيام رمضان دون أزمة ويقتني ملابس العيد ويدخل أطفاله المدرسة حيث يدفع ثمن كل مستلزماتها دون أن يحتاج الى انتظار المرتب الثاني»؟ هكذا بدت حيرة السيدة بيّة التي تنتظر خروجها الىالتقاعد بعد أقل من شهرين مضيفة أحمد اللّه أن بيتي غير مرهون للبنك وسيارتي الشعبية أتممت أقساطها وأبنائي أتموا تعليمهم الجامعي، لكن رغم ذلك لا يمكنني أن أقتطع ثمن التذاكر للسهر كل على حدّة، بل اقتنيت اشتراكا لشخصين وصرت أقتسم الحضور مرة أنا وزوجي ومرة أخرى تستغل الاشتراك ابنتاي وفي السهرات التي لا تعجبنا أمنح الاشتراك لجارتي المهم أنها كانت فرصة لدخول 34 عرضا مع عائلتي بالتداول وهو الحل الذي أهرب إليه كل عام». سواء كان الحضور بدعوة مجانية أو باشتراك موسمي.. فإن أزمة المهرجانات الحقيقية ليست في ثمن التذكرة فحسب بل في الظروف المحيطة بفترة المهرجان والتي جاءت مرتبطة ارتباطا وثيقا بمصاريف أخرى يراها التونسي أنها على قائمة الأولويات قبل الزهو والطرب.