أجلّت احدى الدوائر المدنية الاستعجالية بالمحكمة الابتدائية بأريانة خلال أحد الأيام القليلة الماضية النظر في قضية تهريب من الحجم الثقيل بين إدارة الديوانة وشركة ضخمة تعمل في ميدان توريد محرّكات السيارات والاتجار بها. القضية انطلقت تحت عنوان تفكيك شبكة للتهريب والتهرّب الجبائي. بعد أن حجزت بميناء حلق الوادي بضاعة غير مصرّح بها. فأوصلت الأبحاث الى الاشتباه في صاحب مؤسسة تجارية معروفة تختص في تصدير محرّكات السيارات والاتجار بها. انطلقت فرق الديوانة المختصة في القيام بالأبحاث والتحقيقات الى أن توصلت الى وجود اخلالات في مدى تطابق فواتير الشراءات بعدد من المحرّكات التي تم الاحتفاظ بها بمخازن في جهة المنيهلة من ولاية أريانة، لذلك قرّرت إدارة الديوانة القيام بالاجراءات القانونية وتتبع كل من ستكشف عنه الأبحاث قضائيا. لذلك قامت إدارة الأبحاث الديوانية بالحجز على عدد هام من المحرّكات الميكانيكية للسيارات ووضعت الأختام على أقفال متاجر الشركة المشتبه في تورط صاحبها، وقرّرت إحالة الأمر الى القضاء العدلي. حجز المحركات ورد بملفات المحاضر الديوانية بأن المشتبه به كان يتحوّز بمحلّه التجاري الكائن بالمنيهلة على كمية هامة من المحرّكات وقطع غيار السيارات المستعملة وعجلات مطاطية وأبواب جانبية وخلفية للسيارات كلها مستعملة وفي وضعية غير قانونية وعليه تحوّلت دورية تابعة لادارة الديوانة الى موقع المحلات التجارية وتمّ إجراء عملية معاينة وتفتيش أسفرت على العثور على بضاعة تتمثل في محرّكات سيارات وعجلات وأبواب ولوحات قيادة مستعملة وقرّرت إدارة الديوانة حجز البضاعة تحفظيا و«تشميع» المحلاّت. إحالة تمت إحالة ملفات المشتبه بهم على القضاء من أجل توريد بضاعة محجرة دون إعلام وخلاص عمليات توريد بطريقة غير قانونية ومسك بضاعة محجرة خاضعة لقاعدة إثبات المصدر دون صك قانوني. أحيل المتهمون صحبة ملفات القضية على أنظار مكتب التحقيق الرابع بابتدائية تونس الذي أحال بعض المتهمين من أجل التدليس ومسك واستعمال مدلس والمشاركة في ذلك ومسك بضاعة محجرة خاضعة لقاعدة اثبات المصدر دون صك قانوني. واستند قاضي التحقيق في قراره بخصوص وضع الأختام الديوانية على محلاّت أحد المشتبه بهم الى أحكام الفقرة الرابعة من الفصل 302 من مجلة الديوانة والذي ينصّ على أنه «إذا تعذّر نقل المحجوز في الحال، فإنه يمكن تأمينه بين يدي ذي الشبهة أو أي شخص آخر يوجد بمكان الحجز أو قريب منه». ورأى قاضي التحقيق أنّ رفع الأختام عن المحلات «لا يعطل سير البحث» في القضية وقرّر بناء على ذلك رفع الأختام الموضوعة على محلات المظنون فيه والكائنة بالمنيهلة طريق بنزرت من ولاية أريانة وذلك «الى حين البت في القضية أو انتفاء الموجب وإعلام من يهمه الأمر». طعن بعد ان ختم قاضي التحقيق أبحاثه أحيلت ملفات القضية على أنظار دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بتونس التي طعنت في قرار ختم البحث ورأت «أن قرار قاضي التحقيق القاضي برفع الاختام في غير طريقه وأنه لا مانع في الابقاء على الاختام، اضافة الى ذلك فإن حسن سير البحث والنظر في ملابسات القضية يستوجب الابقاء عليها الى حين البت من قبل المحكمة عند الاقتضاء وطبق الاجراءات القانونية» ورأت دائرة الاتهام احالة ملفات القضية على المجلس الجناحي لحسم القضية. بين الخطية والبراءة أحيل المتهمون على أنظار احدى الدوائر الجناحية بالمحكمة الابتدائية بتونس، حيث قضت بثبوت ادانة أربعة متهمين وتغريمهم طبق الأدنى من طلبات الإدارة بخصوص جريمتي التوريد دون اعلام لبضاعة محجرة وخلاص عمليات توريد بطريقة غير قانونية ومن اجل مسك بضاعة محجرة خاضعة لقاعدة اثبات المصدر دون صك قانوني، فيما قضت هيئة المحكمة بتبرئة صاحب المحلات التي وضعت عليها الأختام وقضي لفائدته «بإرجاع ما حجز عنه لفائدته». حكم قضائي طعنت النيابة العمومية وبعض المتهمين والادارة العامة للديوانة في الحكم الابتدائي لدى محكمة الاستئناف التي رأت بأن محكمة البداية برأت صاحب المحلات «بالاستناد الى ما أدلى به من وثائق تثبت سلامة وشرعية مصدر البضاعة التي تحوّز بها وذلك فضلا عن انكاره لما نسب اليه» ورأت محكمة الاستئناف ان حكم البداية كان في طريقه في خصوص ما قضي به من عدم سماع الدعوى بشأن المتهم وحكمت بناء على ذلك بإدانة متهمين اثنين وتبرئة ثلاثة متهمين. بعد كل هذه الأطوار القضائية طعنت النيابة العمومية والادارة العامة للديوانة في حق بعض المتهمين بالتعقيب، فيما امتنعت عن القيام بذلك في حق المتهم صاحب المحلات ليصبح اذن حكم عدم سماع الدعوى ورفع الأختام حكما نهائيا وباتا. وعليه فإن الادارة العامة للديوانة مطالبة وفقا للقانون بتنفيذ الحكم القضائي. مشكل التنفيذ هذه القضية كانت أثارت الرأي العام في بدايتها عندما تم حجز سيارة بميناء حلق الوادي تشحن بشكل غير قانوني محركات سيارات وشاشات تلفزة من نوع «البلازما» دون تأشيرة قانوينة، فتم فتح بحث في القضية وتوصل الباحثون الى وجود صلة بين صاحب السيارة وموظف عمومي وأحد أكبر محلات الاتجار في محركات السيارات وقطع الغيار وأحيلت القضية على أنظار القضاء الذي حسم الامر لفائدة بعض المتهمين، لذلك أعيد نشر القضية استعجاليا امام المحكمة الابتدائية بأريانة لإلزام الادارة العامة للديوانة بتنفيذ الحكم القضائي ومن المنتظر أن تصرّح المحكمة يوم 20 أوت الجاري بالحكم.