تصدر محكمة أريانة الابتدائية قريبا حكمها في قضية امتناع الإدارة العامة للديوانة عن تنفيذ حكم قضائي صادر لفائدة احدى أكبر مؤسسات الاتجار في محركات السيارات. أحد أطراف النزاع الذي أنهاه القضاء اضطر للتوجه الى القضاء الاستعجالي طلبا لانصافه وذلك بإلزام الإدارة بتنفيذ حكم قضائي نهائي وبات وكانت «الشروق» قد تناولت وقائع القضية ومآلها ليتصل بنا أحد أبرز أطرافها وهو صاحب المحلات التي وضعت عليها الديوانة اختامها منذ ما يزيد على السنة فيؤكد بأن قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بتونس أصدر قراره بفتح المحلات ورفع الاحكام الموضوعة عليها وتأمين المحجوز بين يديه الى حين البت في القضية وهو ما ذهب اليه القضاء في طوريه الابتدائي والاستئنافي». ولم تعقب الديوانة تلك الاحكام مما يجعلها تكتسي صبغة الأحكام النهائية والباتة وبالتالي فإن الإدارة تكون ملزمة برفع الأختام حتى تعود المحلات الى سالف نشاطها خاصة وأن أحكام المجلة الديوانية تنصّ بصريح العبارة على أن «الحجز التحفظي يرفع آليا بمجرد صدور الحكم بالبراءة، وإن المحكمة التي حرّر بدائرتها المحضر هي التي تختص بالنظر في طلب رفع الحجز كليا او جزئيا». ويرى صاحب المحلات ان موجب الحجز منتف اصلا من الناحية القانونية والواقعية. وثائق قانونية قال صاحب المحلات ان السيارة موضوع القضية التي تم حجزها بميناء حلق الوادي احتوت بضائع وأدباشا مختلفة وأجهزة كهرومنزلية وقطع ميكانيك ليست لها اي صلة بالمحلات الكائنة بمنطقة المنيهلة في الطريق الرابط بين العاصمة وبنزرت وقال ان متاجره مختصة في تجارة محركات السيارات المورّدة وفق مسالك قانونية وشرعية اثبتتها الوثائق المقدمة الى مصالح الديوانة وهو ما تبنّته الجهات القضائية خلال كافة اطوار التقاضي. وأضاف: «إن توجه باحث البداية لم يكن مبررا خاصة وانه تسلّم وثائق تثبت المصدر الشرعي للبضاعة فضلا عن إقرار إدارة الديوانة بسلامة الوثائق والبضائع قبل ستة أشهر من وضع الاختام على المحلات». وكان النزاع القضائي بين إدارة الديوانة ومجموعة من الاشخاص قد شهد جدلا قانونيا كبيرا فيما يتعلق بحق الإدارة في اغلاق المحلات التجارية وحول العديد من الأخطاء القانونية والواقعية وخاصة منها ارتكاب اخطاء في حساب عدد المحرّكات التي تمت معاينتها لذلك قدّم دفاع صاحب المحلات تقريرا قانونيا تبنته المحكمة واعتبرته كأنما صدر عنها، واعتبر الدفاع ان الفواتير كانت كلها شرعية وقانونية اضافة الى شهادات الشهود وتصريحات المورّد والمزوّد والمحاضر الصادرة عن إدارة الديوانة والأخطاء الفنية وقرار قاضي التحقيق برفع الاختام عن المتاجر إضافة الى الحكم الابتدائي القاضي بعدم سماع الدعوى وعدم استئناف النيابة العمومية لاقتناعها بحكم البراءة اضافة الى الحكم الاستئنافي القاضي بإقرار الحكم الابتدائي والامتناع عن التعقيب. أحكام نهائية وبذلك فإن الاحكام تصبح نهائية وباتة في حق صاحب المحلات الا ان إدارة الديوانة امتنعت عن تنفيذ الحكم الجزائي البات فتم التنبيه عليها بواسطة عدل منفذ في أكثر من مرة وقد جاء في عريضة موجهة الى القاضي الاستعجالي بالمحكمة الابتدائية بأريانة لالزام الإدارة بالاذعان للقضاء بأن «إدارة الديوانة لم تذعن لحكم قضائي بات وصادر باسم الشعب وباسم رئيس الجمهورية ولم تأذن لصاحب المتاجر بفتح محلاته ورفع الحجز المسلط على البضاعة التابعة له» ورأي الدفاع ان «تمادي الإدارة في رفض تنفيذ الحكم القضائي وعدم الردّ على مراسلات صاحب المحلات يعدّ خرقا للقانون ومساسا بحقوقه وحرمانا له من التصرف في أملاكه المحجوزة دون وجه حق» مع الإشارة الى أن المتاجر مغلقة منذ أكثر من سنة ونصف وما يعني ذلك من دفع نحو الافلاس واحالة عدد من العمال على البطالة فضلا عن إمكانية فساد البضاعة المحجوزة وخسارة كامل الاصل التجاري وما يعني ذلك من استتباعات مالية وقانونية واجتماعية.. وطلب الدفاع من القضاء الاستعجالي البناء على حالة «التأكد والخشية من تفاقم الضرر» وبالاعتماد على أحكام الفصل 201 من مجلة المرافعات المدنية والتجارية وبالاستناد الى الاحكام القضائية ومنطوق الفصل 316 من مجلة الديوانة واعتمادا على المستندات المقدمة للمحكمة وكانت طلباته في الأخير رفع الحجز كليا عن المتاجر الموضوعة عليها الأختام ورفع القيد المضروب على البضاعة وإلزام إدارة الديوانة بتنفيذ الحكم القضائي البات. على حافة الإفلاس وقال صاحب المحلات ل «الشروق» «إن العدالة انصفتني في جميع مراحل التقاضي بعد ان قضت بالبراءة وان الإدارة جانبت الصواب عندما وضعت الاختام على متاجر تعمل وفقا للقانون رغم الاستظهار بفواتير شرعية أكد قانونيتها القضاء» وهو بالنسبة إليه يعدّ خرقا لفصول مجلة الديوانة كما ان عدم تنفيذها للحكم القضائي لا مبرّر له نظرا لانتفاء الموجب القانوني خاصة وأنها لم تعقب الحكم الصادر في شأنه وبالتالي اعترفت بما قضت به المحكمة ضدها. وقال صاحب المحلات انه على ثقة في السلطة في تونس الحريصة على تطبيق القانون وحسن تنفيذه حتى وإن كان الطرف المعني هو الإدارة فتونس هي بلد القانون والمؤسسات. القضية الاستعجالية قد لا تغيّر في المجرى العام للنزاع الذي أنهاه القضاء بحكم نهائي وبات بل إنه سوف يؤكد قانونا بأنه على الإدارة وعلى جميع الأطراف ان تلتزم بالقانون فعلا وممارسة وأن تلتزم بأحكام القضاء. المحلات مغلقة وهي مهددة بالإفلاس رغم انها تشغّل عددا هاما من العمال لذلك فإن تنفيذ الأحكام القضائية سوف ينقذ عشرات العمال من البطالة وسوف يعيد إليهم حقهم القانوني. من جهة ثانية حاولنا الاتصال في أكثر من مناسبة بإدارة الديوانة الا اننا لم نتلق اي ردّ.