كان هناك شاب فقير ما أن يجد عملا ويشتغل بضعة أيام حتى يعود الى حالة البطالة، وذات يوم بعد أن صلّى مع الجماعة صلاة العصر بجامع القرية بقي هناك يسبح للّه الواحد القهّار ولما همّ بالخروج شاهد كيسا فوق الحصير، فأخذه وعاد به الى منزله، وفكّر في الاحتفاظ به لوضع حدّ لعالة الاحتياج التي يعيشها، ثم عاد الى رشده وقال في قرارة نفسه: إن هذا المال هو لغيري وإذا احتفظت به فسيكون مالا حراما، فعليّ بالخروج الى وسط القرية والبحث عن صاحب الكيس حتى وجده. عدّ صاحب الكيس نقوده فوجدها كاملة لم ينقص منها ولو فلس واحد، فسرّ الشيخ لأمانة الشاب وقال له: لقد وعدت باقتسام المال بالنصف مع من يجده، فرضي الشاب وفرح ثم قال له وما رأيك لو أعطيك الثلث ثم الربع وكان الشاب يوافق على كل مقترح حتى المتعلق بدعاء خير جاء به «اللّه يرزقك بدار لم تبنها وبزوجة لم تخطبها وبطعام لم تطبخه وبمال لم تسع إليه» أسف! بعدما وافق الشاب على مقترح الرجل الشيخ تأسّف على ضياع فرصة امتلاك بعض المال يمكنه من سدّ رمق الجوع وتغيير ملابسه الرثّة وقد كان نصيبه من المال بالتزوج وبناء عش الزوجية ولكنه قال في قرارة نفسه: لعلّ دعاء الشيخ ينفعني أكثر من المال. الدعاء المستجاب مرّت أيام عصيبة على الشاب الفقير حتى أخذ منه الجوع مأخذا شديدا ذات مساء، فأخذ يتجول من حي الى آخر يطلب صدقة ولا من مجيب حتى توقّف أمام منزل كان بابه مفتوحا. نادى على من بالدار فلم يجبه أحد، دخل فوجد مائدة وعليها طعام. أخذ ملعقة وشرع في الأكل، لكنه تراجع، وقال: حرام أن آكل طعام الغير وخرج وهو يمشي ولا يعرف أين يذهب كانت الدار لفتاة توفي والدها وتركها وحيدة، ولما همّت بتناول العشاء تفطّنت الى وجود من دخل دارها وحاول أكل طعامها، فأخذت تبكي وذهبت الى جارها وكان شيخا وقورا وحكت له الحكاية وطلبت منه أن يبحث لها في تلك الليلة حتى ولو كان متسوّلا ليحميها ويصون عرضها. خرج الشيخ يبحث عن رجل يتزوج تلك الفتاة فاعترضه ذلك الشاب الفقير التائه فقاده الى تلك الدار التي كان دخلها منذ حين، ونودي على عدلين شاهدين توليا عقد القران وأحضرت الملابس الجديدة واغتسل وزفّ الى عروسه، ولما اختلى بها طلبت منه تناول العشاء الذي رفض أن يأكله حراما، فضحك وهو ما أغضب زوجته التي ظنّت أنه احتقرها لأنها هي التي خطبته، فقصّ عليها حكاية الكيس ودعاء الشيخ وقال لها ها أنا بدار لم أبنها ومع زوجة لم أخطبها وسآكل من طعام رفضته حراما وسأتناوله حلالا فغابت الزوجة برهة وعادت إليه بالكيس وقالت له وهذا المال الذي لم تسع إليه.. إن هذا الكيس هو الذي وجدته بالمسجد وأن صاحبه هو والدي، وبما أنك أصبحت زوجي فمالي هو مالك وها أن دعاء والدي قد تحقّق بفضل محافظتك على الأمانة.