بعد عرضه فاح العنبر في السنة الماضية اختار حاتم الفرشيشي أن يخوض غمار مهرجانات هذه السنة بعرض جديد يحمل عنوان قناديل النور وهو عبارة عن قطع موسيقية تونسية قديمة قدمها الفنان الملتزم على طريقة السلامية ووظف فيها عددا من الآلات الشرقية وجند لها مجموعة من خيرة العازفين المرتدين للجبة والشاشية. هذا العرض كان مسك الختام تقريبا حيث تمت برمجته يوما واحدا قبل نهاية الدورة 39 لمهرجان المنستير الدولي وفي توقيت مناسب يتلاءم مع خصوصيات الشهر الكريم وقد تمكن الشيخ حاتم الفرشيشي الذي عمل واجتهد في أن يشد الجماهير المتوسطة العدد التي حلت بفضاء قصر الرباط من خلال ابداعه في أداء بعض الموشحات الدينية فمع الساعة العاشرة وخمس وأربعين دقيقة انطلق العرض فانطفأت أضواء قصر الرباط وتركت مكانها للشموع التي أحاطت بالركح من كل جهة فكانت إيذانا ببداية عرض ليس كبقية العروض ففيه تخلصت الأجساد من الرقص وكفت فيه الأفواه عن الصياح وانتشت مقابل ذلك الأرواح وسرحت الأفكار بعيدا بذكر اللّه ورسوله الكريم فكان الموعد مع موشحات لك الحمد ويا سعد هذا الحمى وبدا بدر سعدي وبيض الملائكة ويا من يرى ولا يرى ويا قمرة الليل ويا رمضان وعلي بني مريم التي أعاد الفنان توزيعها وأداها في مقام الحسيني عوضا عن العرضاوي وخلال كل هذه الأغاني برز الشيخ حاتم الفرشيشي بصوته النقي وأدائه الجيد فأطرب الحاضرين الذين صفقوا له طويلا وسافر بهم بعيدا الى عالم الروحانيات وتعديل فضائل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وتوحيد اللّه. تخميرة الشباب لاحظ الشيخ حاتم الفرشيشي أن أغلبية الجمهور الحاضر بقصر الرباط من الشباب وحتى يغير لهم الأجواء وهم الذين تعودت أجسامهم على الرقص فقد غنى لهم أغنية يا محمد يا سيدي الحسنين ذات الايقاع الراقص فما كان من هذا الجمهور إلا الانخراط في «تدوير» الحزام ولكن هذه المرة على الطريقة الصوفية فكانت التخميرة حاضرة وبقوة. جمهور متوسط أثر شهر رمضان المعظم بصفة جليلة في الحضور الجماهيري فقصر الرباطبالمنستير الذي تعود خلال كامل السهرات على استقبال أعداد كبيرة من المتفرجين لم يسجل دخول إلا حوالي ألف وخمسمائة متفرج وهذا العدد المتوسط لا يعكس بالمرة نجاح العرض فنيا وتوفق الهيئة المديرة في اختياراتها. يا مازري هل يمكن للفنان حاتم الفرشيشي أن يصعد على ركح فضاء قصر الرباط لاحياء حفل ديني ولا يؤدي أغنية يا مازري حل البيبان؟ بالتأكيد لا.. فهذه الأغنية تمثل تراث المدينة وقد أبدع الفنان في أدائها في نهاية السهرة فأعادت للحضور أجواء الزردة بمقام هذا الولي الصالح أحيت في الأذهان العلاقة الوطيدة التي تربط سيدي المازري بأهالي مدينة المنستير.