عاجل:روعة التليلي تهدي تونس الذهبية الثانية في ملتقى الجائزة الكبرى للبارا ألعاب القوى بباريس    ميناء حلق الوادي: حجز كميات هامّة من المواد المخدّرة...التفاصيل    خلال عطلة العيد.. البنك المركزي يدعو الى تأمين استمرارية عمليات السحب من الموزعات الآلية    الصوناد توصي بترشيد إستهلاك المياه يوم العيد    انتصر على "الجي آس كا".. مستقبل المرسى بطلا للرابطة الثانية    بن عروس: تشديد الرقابة الاقتصاديّة على محلات بيع اللحوم الحمراء مع اقتراب عيد الأضحى    كاتب الدولة للمياه يكشف وضع خزّانات المياه بحلول عيد الأضحى.. #خبر_عاجل    بنزرت: تحديد تاريخ 9 جوان الجاري لانطلاق موسم الحصاد    رواية "مدينة النساء" للروائي التونسي الأمين السعيدي.. يوتوبيا مضادة في مواجهة خراب الذكورة    السيارات الشعبية في تونس: شروط الشراء، مدة الانتظار، وعدد السيارات المورّدة سنويًا    هل ''القلاية التونسية'' مضرة؟ إليك الحقيقة الكاملة حول هذا الطبق الشعبي المحبوب    وزارة الحج والعمرة توجه نصائح هامة لضيوف الرحمن خلال مبيتهم في منى    ظهورها ينذر بالكوارث.. العثور على "سمكة يوم القيامة" على شاطئ أسترالي    محمد علي بن حمودة يقترب من مواصلة التجربة في الدوري المصري    نحو ضم نجم عربي آخر في مانشستر سيتي ...من هو ؟    بعد هجوم على قاعدة عسكرية.. العثور على أسلحة ورموز نازية في احد المنازل بواشنطن    عاجل: وزارة التربية تنشر أعداد ورموز المراقبة المستمرة لتلاميذ البكالوريا عبر هذا الرابط    عاجل : حريق ضخم في جامعة توشيا شمال روما    طليقة احمد السقا تخرج عن صمتها لأول مرة    تظاهرة "لنقرأ 100 كتاب" للتشجيع على المطالعة والاحتفاء بالكتاب والكتابة    ألمانيا: إجلاء آلاف الأشخاص بسبب اكتشاف قنابل تعود للحرب العالمية الثانية    نداء عاجل من أعوان هذه الشركة لصرف أجورهم قبل عيد الأضحى    صادم/ الإحتيال على الناس يطال الحج!!    يوم عرفة: توصيات هامّة من مفتي الجمهورية ودعوة لتجديد العهد مع رسول الله.. #خبر_عاجل    رولان غاروس: الامريكية كوكو غوف تتجاوز مواطنتها ماديسون كيز وتبلغ المربع الذهبي    حركة النهضة تعبر عن استنكارها للحكم الصادر ضد نور الدين البحيري    لأول مرة: تمكين 200 حاج تونسي من ساعات ذكيّة لتحديد مواقعهم ومُتابعة حالتهم الصحية..    جلسة عمل استعدادا للمشاركة التونسية في المعرض الكوني "اكسبو اوساكا 2025" باليابان    عاجل-أرقام الأطباء البيطريين في خدمة التونسيين في عيد الأضحى... تعرّف عليها    سامي الطاهري يشيد بقرار حلّ شركة "الاتصالية للخدمات" وانتداب أعوانها: خطوة نحو رفع المظالم وإنصاف عمّال المناولة    لمن يُعانون من مشاكل المعدة... نصائح ضرورية قبل تناول لحم العلوش في عيد الأضحى    توصيات هامة لضمان سلامة الأضاحي و تخزين اللحوم..    الكاف: وزير التربية يتابع سير بكالوريا 2025    في معرضه الشّخصي الأوّل جمال عرّاس يرسم " جولة الألوان" بتقنية السكّين    ثماني سهرات فنية ضمن برمجة الدورة 49 من مهرجان دقة الدولي    جريمة مروعة: شاب ينهي حياة زوجة شقيقه وابنها طعنا بالسكين..!!    يا تونسي، هل أنت مستعد ل''حجة علوش'' صحية؟ !    من 28 جوان إلى 8 جويلية 2025: برنامج الدّورة 49 لمهرجان دقة الدّولي    الرابطة الأولى: الأولمبي الباجي يكشف عن موعد جلسته العامة الإنتخابية    وزير السياحة يشدّد على ضرورة تكثيف الجهود في التّرويج الرّقمي عبر مزيد التعاون مع صانعي المحتوى والمؤثّرين    منوبة: بلدية هذه المعتمدية تُعلن عن موعد رفع الفضلات والجلود بمناسبة عيد الأضحى 2025    نسور قرطاج يحطّون الرحال في فاس: مواجهة نارية أمام المغرب بحضور 40 ألف متفرّج    محمد علي بن رمضان ينتفل رسميا الى الاهلي المصري    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    صور: وزير الشؤون الدينية يعاين ظروف إقامة الحجيج التونسيين بمكة المكرمة    عاجل/ خامنئي يحسمها ويعلن..    عملية زرع كبد ناجحة في مستشفى فطومة بورقيبة بالمنستير    الحجاج يتوجهون الى مشعر منى لتأدية التروية…    لا تفوت بركة هذا اليوم.. أجمل دعاء ليوم التروية 2025 من السنة النبوية    عاجل/ رئيس الدولة يتخذ قرار هام..وهذه التفاصيل..    النقل البري: 92 سفرة إضافية وتأمين رحلات استثنائية بمناسبة عيد الأضحى    بمناسبة عيد الأضحى.. تعرف على الطريقة الصحية لتناول اللحوم لمرضى السمنة والسكري..    عاجل : الصحة السعودية تحذر الحجاج    انطلاق حجاج بيت الله الحرام إلى مشعر منى في يوم التروية...تفاصيل هذا الركن    نتنياهو: الثمن الذي ندفعه في الحرب باهظ    جالة الطّقس ليوم الأربعاء 4 جوان 2025    المنستير: نجاح عملية زرع كبد لطفل ال8 سنوات في مستشفى فطومة بورقيبة    مبادرة إنسانية في جبنيانة: سائق نقل ريفي يرافق تلاميذ البكالوريا مجانًا    









مقام السيدة زينب في القاهرة: مهرجان سنوي للمدائح والصدقة... والسياسة
نشر في الشروق يوم 14 - 08 - 2010

٭ القاهرة «الشروق» من مبعوثنا الخاص كمال الشارني:
لا شيء أسهل من الوصول إلى مقام السيدة زينب في القاهرة، وأي مصري تسأله قد يدلك على ثلاثة سبل للوصول، وكثيرون يتطوعون لمرافقة السائل إذا كان غريبا لإيصاله إلى «مقام الست» في الحي الشعبي الشهير الذي يحمل اسمها ويتبرك بها وتتحول فيه الحياة طيلة شهر جوان إلى مهرجان دائم من الأناشيد الصوفية والتجارة وحتى السياسة.
تبعا للمعتقد الشعبي، فهي السيدة زينب بنت علي بن أبي طالب من فاطمة بنت الرسول صلى الله عليه وسلم. وفي الضريح، بدا لي المشهد معبرا جدا: امرأة شابة بجلباب أسود ونقاب يغطي وجهها تحمل ابنتها المعاقة التي لا يتجاوز عمرها بضعة أعوام وتتعلق ببكاء مرير بشبكة الفضة التي تحمي قبر السيدة زينب، «سيدة الفقراء والمظلومين». لم تكن المرأة وحدها، بل ضمن عشرات النساء، أغلبهن يلبسن الجلابيب السوداء الطويلة، يبكين حول الضريح، يتبركن بمائه طلبا للشفاء وطلبا للعون على مصاعب الحياة من السيدة زينب، لكن من هي زينب؟ وما حقيقة ما يحيط بها من كرامات وحكايات تستعصي على التصديق؟
حب آل البيت
يبدو ضريح السيدة زينب في قلب القاهرة العمراني الشعبي وخصوصا قلبها الروحي والحضاري. وعند إجراء هذا الريبورتاج، لم تكن المنطقة قد تخلصت بعد من بقايا مظاهر الاحتفال بمولد السيدة زينب التي تمت قبل شهر. تحتفل مصر كلها بالمولد ويأتيها الناس من كل جهات مصر وخصوصا أريافها، في مهرجان من المدائح والنشاط التجاري الذي يدوم شهرا، يشارك فيه الجميع من المواطنين البسطاء مثل الأسطى «فضل الرحمان عيد»، سائق سيارة الأجرة ذي الزوجات الثلاث إلى أكابر القاهرة وأغنيائها ومسؤوليها وعلى رأسهم محافظ القاهرة الذي يساهم بقسط كبير في تمويل المهرجان حيث تختلط العقيدة بالسياسة. ويتبارى الأغنياء وذوو الجاه والسلطة وخصوصا رجال السياسة في تقديم الطعام للجميع، فقراء وأغنياء يتواضعون ليأكلوا من أجل البركة على الأرض من نفس الطبق، إنما يأكلون أكلا جيدا، أفخر الأطباق واللحوم لمدة شهر. وتسمى هذه الموائد الضخمة «شادر» وهي تتم في صورة فنية بمعلقات ضخمة تعلن عنها مسبقا، وكثيرون يقصدونها لأجل البركة، «بركة الست» التي هي من بقية نسل النبي صلى الله عليه وسلم في مجتمع يذوب في حب آل النبي، غير أن الكثير من الدارسين لنسل النبي قد لقوا ردا عنيفا كلما شككوا في هوية صاحبة هذا المقام والقبر الذي يجله المصريون كثيرا ويلجأون إليه في أزماتهم اليومية من شكوى المرأة التي يسيء إليها زوجها إلى التي تأخر بها قطار الزواج أو الإنجاب.
شكاوى حول الضريح
في الداخل، ومثل كل المساجد الكبيرة في القاهرة، يبدو مقام السيدة زينب مهيبا هادئا كما لو كان معزولا بقدرة خارقة عن ضوضاء الحي الشعبي الشهير الذي يحمل اسم الست. كل شيء في الداخل يدعو إلى الخشوع والهدوء وراحة النفس والجسد، باستثناء الهمهمات المبهمة حول الضريح، حيث تنقسم القاعة بجدار خشبي مزين إلى جزأين: الأول للرجال والثاني للنساء اللاتي يحظين بمدخل خاص من خارج المسجد. والقبر محاط بشبكة من الفضة الخالصة المنقوشة بالآيات القرآنية وبعض النصوص التي تمجد آل البيت.
سريعا ما تثير انتباهي عشرات أو ربما مئات الأوراق المطوية بعناية حول القبر، وأتذكر ما قيل لي عن اعتقادات الكثير من المصريين بين الفئات الشعبية من أن السيدة زينب تقوم من مماتها كل ليلة وتعقد مع بقية إخوتها محكمة تنتصف فيها من الظالمين والمتنفذين وتعيد الحقوق إلى أصحابها وتعاقب الزوج الذي ظلم زوجته وبصفة عامة، فهي مقصد النساء أكثر من الرجال. ومن السهل جدا أن تجد حول الضريح من يروي لك كيف قضى الليل باكيا عند قبرها طلبا للإنصاف من حاكم ظلمه، ثم كيف «استمعت رحمها الله للشكوى وقصفت ظهر الظالم في الدنيا قبل الآخرة». يرفض المسؤولون عن الضريح أي حديث عن فحوى تلك الشكاوى أو مصيرها. قال لي أحدهم بصرامة تضع حدا للحديث: «يابني إنت بتسأل عن أسرار الناس ليه؟ خلي الخلق يرتاحوا في شكاويهم مادام الحكومة ما بتسمعش».
بركة الست
وكما يحدث في قبر الحسين بالقاهرة، لا يحب المصريون من يشكك في أية معلومة تخص قبر السيدة زينب بنت علي بن أبي طالب من فاطمة بنت الرسول صلى الله عليه وسلم. وفي هذا الإطار، أحدث الباحث المصري فتحي حافظ الحديدي ضجة كبيرة عندما نشر في جريدة الأهرام دراسة أثبت فيها أن السيدة زينب بنت علي بن أبي طالب لا يمكن أن تكون أصلا مدفونة في مصر لأسباب عديدة منها أن مكان القبر الحالي كان ترعة (بحيرة) طيلة قرون، وأن قصة حياتها في مصر ودفنها في المقام المزعوم ليست سوى خرافة ألفها مداحو الموالد والأسواق ثم لاقت تلك الخرافة هوى لدى الطبقة الشعبية الباحثة عن بركة أثر الرسول صلى الله عليه وسلم ثم التقت مع مصالح الذين حكموا مصر حتى أن رجال السياسة وممثلو الحكومة أصبحوا أول من ينظم «الموالد الزينبية» ويستثمر فيها وفي الشعب الذي يرتادها. في المقابل، يبدو الأسطى «فضل الرحمان عيد» سائق التاكسي غير قابل أصلا للنقاش حول وجود قبر السيدة زينب رضي الله عنها في مقامها المعروف في القاهرة في الحي الذي يحمل اسمها. يقول لي بتصميم إنما بالأدب الجم للشعب المصري لي وهو يصارع زحمة المرور في المدينة العتيقة: «يا بيه دحنا عايشين ببركتها، لولا السيدة زينب والحسين كنا أكلنا بعضنا من زمان»، وهي بركة أخرى من بركات السيدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.