قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا، كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلَاهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ الْمَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا : لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا، فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا). رواه البخاري. هذا الحديث النبوي الشريف يعدّ من روائع كلم سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو قمّة في البلاغة والبيان في توضيح قضية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, حيث ضرب لنا مثلا رائعا فشبّه القائم بالمعروف والناهي عن المنكر والتارك لهذا الواجب الديني بقوم امتطوا سفينة بعد أن اقترعوا على أماكنهم على ظهرها حيث التزم نفر منهم أعلى السفينة والتزم الباقون أسفلها. ثمّ يزيد النبي عليه الصلاة والسلام قضية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر توضيحا من خلال المشهد المتحرك لهؤلاء الرجال في أسفل السفينة الذين اضطرتهم الحاجة لجلب الماء فكانوا في كل مرة يؤذون عن غير قصد من كانوا فوق السفينة ,فتحرجوا من ذلك وفكروا في طريقة تجنبهم إذاية الآخرين فاقترحوا إحداث ثقب في أسفل السفينة يتزودون منه بالماء, ولكن هذا الحلّ فيه خطر كبير على حياة كل الراكبين لأن السفينة ستغرق ويهلك كل من فيها ,فإن تركوهم يفعلون ما يريدون ماتوا جميعا وإن منعوهم من ذلك نجوا جميعا. فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب ديني جاءت به الشريعة الإسلامية السمحة قال تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (آل عمران:104). وقال عليه الصلاة والسلام: (لتأمرنّ بالمعروف ولتنهونّ عن المنكر أو ليسلّطنّ عليكم شراركم ثم يدعو خياركم فلا يستجاب لهم). والقيام بهذا الواجب فيه خير كبير للمجتمع يحقق السعادة والأمن للفرد والجماعة, وأمّا تركه والتخلي عنه يجرّ الشرّ والخراب للفرد وللمجتمع ولنأخذ مثلين ولله المثل الأعلى: فالكذب رذيلة كبرى فإذا لم ننه أطفالنا عن الكذب ولا نزرع فيهم خصلة الصدق فإن ذلك يؤدي إلى أن يصبح الكذب عادة متجذرة في طبيعتهم وسلوكهم . وللكذب كما نعلم مضار خطيرة . كذلك عدم النهي عن التبرج لدى الأنثى وقلّة الحياء لدى بعض النساء والبنات وعدم تربيتهن على التحلي بالحياء والستر يؤدي في النهاية إلى الانحراف والتفسخ وهذا له أخطر النتائج على الأسرة والمجتمع. قال الله تعالى: (لعن الذين كفروا من بني اسرائيل على لسان داوود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون ) (الآية 79). فالآية الكريمة تحذّرنا من ترك القيام بهذا الواجب فإذا رأينا المنكر وسكتنا عنه انتشر وبلغ ضرره كلّ واحد منّا مهما كان موقعه في المجتمع . فالأمم التي سكتت عن المعاصي انظروا ماذا دهاها من انحلال وتفسّخ في الأخلاق ثم من بعد ذلك إلى الاندثار .