تتربع زاوية سيدي «بوحلاّب» في الناحية الشرقية من منطقة «لالة» التابعة لمعتمدية القصر من ولاية قفصة، على حافة وادي المالح جنوب عين سلطان وتحديدا في مقبرة الجوابر الى جانب عدة أولياء صالحين آخرين منهم سيدي الصامت وسيدي عبد المؤمن و«البهلولة» و«روبا» وغير بعيد عن هذه المقبرة توجد مقبرة أولاد تليجان التي تضم مقاميْ وليّي الله الصالحين سيدي شلبي وللّة «فاطمة بن سديرة». وللبحث عن جذور الولي الصالح سيدي بوحلاّب اتصلنا بالحفيظ الحاج محمد بن علي الذي استقبلنا بفرح وسرور واعتزاز بالنفس لانه يقوم على مقام ولي صالح له من الكرامات الكثير وله صيت عال وشعبية كبيرة داخل البلاد وخارجها وأفادنا ان سيدي بوحلاب هو علي بن محمد بن علي بن محمد بن صالح الحسوني العثماني شهر بوحلاب قدم من زغوان بعد ان ساح وتعبّد هناك مع سيدي عبد السلام، استقر بجبل «عرباط» التابع لولاية قفصة وعاشر الحيوانات معاشرة حسنة حتى استأنست به الأروية التي اتخذت جبل عرباط ملجأ لها لما يتوفر فيه من كلإ وجداول وأودية ومغاور وصار يقوم بحلب إناث الأروية في آنية مصنوعة من الفخار تسمى «الحلاّب» ومن ثمة أطلق الأهالي الذين عاينوا المشهد (حلب الأروية) على سيدي علي بن محمد كلمة «بوحلاب» ولما كثرت كراماته التي من بينها معاشرة الأروية وطلْق البارود في وضح النهار وأمام الملإ صار الأهالي يتقربون منه ويعتنون به ويتبعونه في حركاته وسكناته ويطيعونه في جميع أومره وينفذون مطالبه خصوصا لما أعفى أولاد تليجان وكل الهمامة من دفع الجزية للدولة أنذاك الى أن وافاه الأجل المحتوم فدفنه الأهالي في «لالة» وأقاموا زاويتين في جبل عرباط وفي منطقة «لالة» (في مقبرة الجوابر حاليا) وواصلوا أعمالهم كما لو كان حيّا حيث يقيمون له حضرة كل ليلة جمعة وفي ليلة نصف رمضان حيث يتوافد على المقام آلاف الزائرين (حسب أقوال الحفيظ الحاج محمد بن علي) وخصوصا في السبعينات والثمانينات وحتى في التسعينات ويذبحون الخرفان ويقيمون الولائم ويتنافس المتنافسون على المدائح والأذكار في أجواء طيبة وممتعة. جولة في رحاب الزاوية دخلنا المقام الكائن في جزء كبير من مقبرة الجوابر الكبيرة جدّا التي انتشرت فيها القبور هنا وهناك وكأن الناس قد ماتوا كلهم (رحم الله الجميع) الى جانب عدة زوايا أخرى للأولياء الصالحين (سيدي الصامت وسيد عبد المؤمن والبهلولة وروبا) المذكورين سابقا. داخل المقام وجدنا شاهدا لضريح الولي الصالح سيدي بوحلاب وبجانبه لوح مخطوط عليه نسبه وسلالته. ويمسح المقام حوالي 64 مترا مربعا مجهزا بالزرابي وسجادات المصلين والنور الكهربائى تعلوه قبة مبنية من الفخار ترتكز على أعمدة من الاسمنت والحديد. وتوجد امام المقام ساحة فسيحة مبلطة وغير مغطاة وبعض الغرف الصغيرة للطبخ والنوم الى جانب مجموعة صحية بسيطة محاطة كلها بسياج يعزلها عن المقبرة وبقية الزوايا.