محمود بن علي بن محمد بن الدريدي شهر ب «بوشهوة» من المناضلين الذين ساهموا في مقاومة الاستعمار الفرنسي البغيض ويرجع نسبه الى عرش الشرفاء بالمطوية من ولاية قابس حيث ولد يوم 24 فيفري 1927. دخل محمود الدريدي كتاب مسجد سيدي علي الشريف حيث حفظ نصيبا من القرآن الكريم وتعلّم مبادئ الكتابة والقراءة بإشراف الشيخ الشتيوي بن منصور انضم الى صفوف تلاميذ المدرسة الابتدائية العربية الفرنسية (المكتب او الكوليج سابقا ومدرسة شارع بورقيبة حاليا) وتوّج مشواره الدراسي بهذه المؤسسة التربوية بالحصول على ما يضاهي مستوى الشهادة الابتدائية ليغادرها نهائيا سنة 1940 اثر الحرب العالمية الثانية. غادر محمود الدريدي مسقط رأسه المطوية وعمره لا يتجاوز 14 سنة الى تونس العاصمة بحثا عن شغل يساهم به في تحسين الدخل الأسري ويؤمّن لقمة العيش الكريم لأفراد عائلته وعمل كبائح متنقل باستخدام «البرويطة». سنحت له هجرته الى تونس العاصمة سنة 1941 للانضمام الى الحركة الوطنية منضويا في صفوف الشبيبة الدستورية خصوصا انه قدم الى العاصمة مشبعا بالوازع الديني وبانتمائه العروبي والوطني ومؤمنا بعدالة القضية الوطنية في مقارعتها للاستعمار، لينضم سريعا الى العمل المسلّح. وقد كانت المهمات الموكولة له زرع عبوات وإلقاء القنابل أمام مراكز شرطة وجيش العدو ومصالحه الحيوية. وكان محمود الدريدي يعتمد في الحصول على المفرقعات من المترددين على العاصمة من أبناء الجنوب الذين كثيرا ما يجلبون معهم قنابل يدوية من مخلّفات القوات العسكرية الألمانية أو يقوم بتصنيعها محليا ويحرص بنفسه على توزيعها بين المقاومين. نظرا لخطورة ما تعرضت اليه المصالح الفرنسية خصوصا المراكز التجارية كثفت القوات الفرنسية جهودها في القيام بعمليات تفتيش واسعة في صفوف المواطنين وتمكّنت من القبض على محمود الدريدي ليلة السادس من مارس سنة 1952 بعد ان داهم البوليس الفرنسي مقر إقامته بوكالة محمد بن حتيرة ورغم محاولته الفرار من قبضة اعوان الجندرمة عبر نافذة صغيرة فقد تم الامساك به واعتقاله الى جانب عدد من رفاقه المنتمين الى مجموعة محمد جراد. حكم عليه بالإعدام سنة 1954 ونظرا لقساوة هذا الحكم بادر محمد الاصفر جراد بجلب عميد المحامين الفرنسيين من باريس لمحاولة التخفيف من هذا الحكم الجائر وفعلا توفّق هذا العميد في اقناع المحكمة باستبدال الحكم الصادر ضد محمود الدريدي بالمؤبد وبعد ان سجن في تونس 3 سنوات نقل الى سجن الأصنام بالجزائر حث قضى 6 أشهر ثم اطلق سراحه بعد نيل البلاد استقلالها التام. ومن أقدار الله لا يزال الرجل حيّا بيننا يشهد على حقبة هامة من تاريخ نضالنا الوطني من اجل الاستقلال والحرية وشاهدا على ما أنجيته المطوية من ولاية قابس من رجالات عظام.