النجاح الفني الكبير الذي حققه المطرب العراقي كاظم الساهر ليلة أول أمس بمهرجان صفاقس الدولي، حجب الخسارة الضخمة التي تكبدتها خزينة المهرجان والتي قاربت ال 30 الف دينار حسب بعض المصادر المقربة من الهيئة. ثقل الخسارة سرعان ما تلاشى وتبدد بين جمالية صوت كاظم وحسن اختياره لاغانيه التي كانت فاتحتها اغنية «العراق» التي رددها «بلبل العراق» بصت حزين وارتجالات معبرة لآلة الكمان فحكمت الكلمة واللحن على الجمهور الحاضر والذي لم يتجاوز ال 4 الاف و500 بالصمت والاستماع والتمن في المعاني بحرقة ولوعة. كاظم الساهر، استحضر المشهد العراقي على ركح مهرجان صفاقس الدولي في سهرة شكلت الحدث والاستثناء في دورة هذه الصائفة التي سجلت اغلب سهراتها الى حد الان نجاحا جماهيريا هاما باستثناء سهرة كاظم الساهر وسهرة إيلين خلف التي خلفت هي الاخرى خسارة مالية قاربت ال 20 الف دينار وهو عجز تداركته ادارة المهرجان مسبقا ببقية السهرات والدعم والاستشهار. الفشل النسبي للحفل جماهيريا لم يجد له الملاحظون تفسيرا مقنعا، فصاحب «أنا وليلى» «يتمتع بقاعدة جماهيرية كبرى في تونس بل وفي العالم العربي، والتذاكر بمهرجان صفاقس الدولي لم تتجاوز ال 10 دنانير، وادارة المهرجان توخت توجها دعائيا واشهاريا ضخما شمل كل الاساليب المتاحة للدعاية، ومع ذلك لم يكن الحضور الجماهيري في مستوى هذه التحضيرات ونجومية كاظم الساهر. وإذا كانت مقومات النجاح كثيرة في دورة هذا العام التي اكدت النجاحات السابقة وحققت مزيدا من الاشعاع للمهرجان، فإن اهمها حسب رأينا سهرة كاظم الساهر التي برهن فيها صاحب «حافية القدمين» انه بالفعل من عمالقة الفن العربي، فالمستمع اليه في الحفل المباشر بمهرجان صفاقس الدولي يشعر وكأنه يستمع الى شريط كاسات لم تتدخل فيه المؤثرات الصوتية التي يعتمدها بعض اشباه الفنانين اليوم، ثم ان الحضور الركحي لكاظم يحيل على انه فعلا مطرب فذ ازدادت قيمته الفنية بفرقته الموسيقية الضخمة وبالرقصات الشعبية العراقية، وخاصة «الدبكة» التي شدت الجماهير اليها وذكرت الحضور بالشهامة العراقية وعراقة الفن ببلاد الرافدين. في كلمة، سهرة كاظم الساهر بمهرجان صفاقس الدولي، ولئن لم تنعش ميزانية المهرجان فانها انعشت الحضور في سهرة تناغمت فيها الطبيعة مع انغام كاظم لما انهمر الرذاذ بانسياب على فضاء المهرجان لتنقشع بعده الحرارة. اللهم حرارة اللقاء مع كاظم الساهر الذي خاطب جمهوره بالقول: «أتكهرب ولا اهرب»!