تمكّنت جوهرة الساحل من الاستفادة من مناخ السلم الذي ساد بين العباسيين والبيزنطيين فتطوّر عمرانها وبلغت مساحتها اكثر من 32 هكتارا. وتذكر الدراسات ان مدينة سوسة تحوّلت من قاعدة عسكرية الى مدينة تجارية ومتنفس بحري للقيروان. وبخصوص تزوّدها بالماء الصالح للشراب من خلال «السفرة» التي كانت معبدا للفينيقيين وبعد انتقال المعبد الى مكان آخر من المدينة حيث الجامع الكبير استغلوا السفرة كسجن حتى ايام العرب حيث اصبح سنة 270 هجريا (883 ميلاديا) صهريجا لجمع المياه لمتساكني المدينة وايصال الماء عبر قنوات الى داخل السور. ازدهار أصبحت سوسة منارة دينية هامة وأقام بها عديد المرابطين والفقهاء الذين درّسوا العلوم الدينية مثل يحيى بن عمر (سيدي يحيى) مؤلف «أحكام السوق» الذي يعد أول كتاب في العالم الاسلامي يتناول القانون التجاري والفقيه أبو جعفر الاربصي (سيدي بوجعفر). ولكن اثر تأسيس الخليفة الفاطمي المهدي مدينة المهدية سنة 917 ميلاديا تقلص دور سوسة. كما عانت كثيرا من الحصار الذي ضربه عليها «أبو يزيد مخلد ابن كيداد الخارجي» الملقّب بصاحب الحمار سنة 333 هجريا (945 ميلاديا) الا انها تمكنت من النهوض من جديد بفضل موقعها الجغرافي ومكانتها الاقتصادية بافريقية وأرجع المؤرخون ازدهارها في تلك الفترة الى نشاطها الفلاحي والبحري. وتؤكد الدراسات هنا ان القرن الخامس الهجري (11 ميلاديا) مثّل فترة نمو عمراني كبير غير ان ذلك توقف فجأج مع وصول الهلاليين الى بلادنا وتحوّلت جوهرة الساحل الى ملاذ لعدد كبير من اللاجئين القادمين من المناطق الداخلية خاصة من القيروان.