ادعت الجمعية المسيحية لإلغاء التعذيب بفرنسا مؤخرا أنها تتبنى ملف مواطن تونسي متورط في قضايا تتعلق بالاتجار في المخدرات على صعيد دولي. وكان هذا الشخص الذي قضى طفولته وشبابه في فرنسا، قد أدين من قبل محكمة ألمانية بسبب أنشطته الاجرامية وهو محل تفتيش من قبل القضاء التونسي لنفس الجرم. وقد اعتقل في ألمانيا منذ أكتوبر 2009 في انتظار تسليمه الى تونس. الجمعية المسماة ب«الجمعية المسيحية لإلغاء التعذيب» طالبت السلطات الالمانية بالعدول عن قرار ترحيله الى تونس لأنه قد يتعرّض حسب زعمها الى سوء المعاملة اذا ما وقع تسليمه الى السلط التونسية. فالجمعية ذات الأصول التبشيرية التي هلّت علينا لتوسعنا برحمتها وتدعمنا بصلواتها قد اتخذت لنفسها تخصصات غريبة من بينها الدفاع عن الحق في الشذوذ الجنسي وتبنّي قضايا السفاحين وتحمّل مصاريف محاميهم وتوكيل فرق دفاع عن مجرمي المخدرات. ودون إغفال لتفاصيل القضية فإن الجمعية تستعرض خصائصها في العمل من اجل إلغاء التعذيب عبر حملاتها التبشيرية وما تقول إنه الصلوات من اجل ايقاف التعذيب وتمتيع تجار المخدرات بمعاملة راقية أثناء التفتيش عنهم والتحقيق معهم. وهي حقائق صاحبت نشاط هذه الجمعية منذ نشأتها في فرنسا سنة 1974 على يد مزيج من القساوسة من بلدان متفرقة. تعلة «الجمعية المسيحية» خالية من المبررات ولا تعكس سوى رؤية مغالطة لقيمة القضاء واستقلاله ولقيمة سيادة القانون التونسي، وقد تجاهلت بذلك فصلا هاما ومحوريا في القانون الجزائي قوامه المعاملة بالمثل. فالقضاء التونسي يلتزم دائما باحترام قضاء الدول الأخرى فيما يتعلق بالمطلوبين لديه من الجنسيات التابعة لهذه البلدان. وقد توهمت هذه الجمعية في محاولة التأثير في القضاء الألماني حتى يعدل عن ترحيل مطلوبه ممعنة في ترويج كذبة قديمة عن التعذيب. وفي نفس السياق طالبت الجمعية التي تحاول اعادة تسريب سلطة القساوسة الى رحاب المحاكم في تخف تبشيري قروسطي بلحاف حقوق الانسان، بترحيل المتهم الى فرنسا معتبرة ذلك فرصة لخضوعه الى «محاكمة عادلة» وهو الحل الذي يليق ربما بالمتهم ليحاكم في البلاد التي تربّى فيها وتعلّم فيها تجارة المخدّرات وترويجها في صفوف الشباب. لقد انخرطت بعض المنظمات الحقوقية منذ سنوات في العمل بطواحين الهواء لتلوك الفراغ وتوزعه بين الناس وتتبنى قضايا لا تعدو ان تكون مهازل لا يليق بالاعلام الموضوعي استعمالها والترويج لها على أنها حقائق. بل يفترض به أن لا يسقط في انخراط أبله في خدمة وضيعة لمصالح من لا يروق لهم استقرار تونس او عملها على وقاية شعبها من آفات الارهاب والادمان والشذوذ. كان يجدر بمشايخ التبشير الحقوقي ان يجمعوا التبرعات لمعالجة ضحايا الادمان وأن يطلقوا نداءاتهم للتصدي لمجرمي المخدرات لا أن يجمعوا المحامين للدفاع عنهم. ولكن طالما ان المحاكمة تعلقت بحق القضاء التونسية في محاسبة مواطنه على جرائم تضر بالمجتمع التونسي، فإن روح المسيحية الجديدة تتحرك لتزوير الحقائق وافتعال الأكاذيب بحثا عن مزيد المتأثّرين بالإنجيلية الجديدة التي يبدو انها تنثر الموت في العراق وتحتضن الاحتلال الغاصب في فلسطين وتوزع مع بعثاتها المقدسة نسائم المخدرات. فأن تسقط جمعية تزعم انها مسيحية في الدفاع عن مروجي المخدرات فذلك أوجه التفاهة والانحطاط.