بعد أن قضى يوما ممتعا بين الصحف والمجلات يرشف من الشروق ويقطف من الانوار ويتغذى من عطر العديد من مثيلاتها داهمه الافطار وما بعده بعد ظمإ يوم اشتدت فيه حرارة أشياء كثيرة ودعته الفرجة على مسلسل من قلمه وعصارة مخه، فقلصت ساعات فراغه لنفسه وأسرته، رمى بما تبقى من لحم وعظم على أريكة غير مبال بوجود وسادة ومضى به بساط وردي الى عالم طالما اشتاق الى رؤيته، وها هو يراه حقيقة وواقعا، انه يجول في هذا الشارع الفسيح الذي أطلقت البلدية مشكورة عليه اسمه اعترافا لما قيد به العديد من هواة المسلسلات وشدهم الى الشاشة الوطنية، ووصل الى بناية ما كاد يقرأ اللوحة الرخامية التي تفنن المسؤولون بوزارة الثقافة في نقشها ووضعها على اكبر معلم ثقافي بالمدينة تحمل اسمه عربون اسهاماته في الثقافة وتخليدا لانجازاته من كتب وروايات ملأت رفوف المكتبات، وتعهد الناشطون والمسؤولون بالمعاهد ببلدته بالتعريف بهذه الانجازات بادراج كتاب ضمن كل جائزة تمنح للمتفوقين من أبناء بلدته عند الاحتفاء بيوم العلم وتكريم المتميزين من بني وطنه فوجد صفوف الاطفال يتنافسون في معرفة المزيد من ابداعاته ويتباهون بملكية أكبر مجموعات قصصية له بعد سنين من الوحشة والغربة ويشيرون اليه بابتسامات براءتهم دليل معرفتهم للرجل وتقديرا لما أنجز، فيحني رأسه تواضعا وخجلا. مضى رغم لفح الشهيلي لجبينه الناصع البياض وقد خفت العديد من الشعيرات المشوبة ببياض تغلب على السواد وأصبحت تعيش باحترام لمسافات الامان، يرفع نظاراته التي عاشرته رغم أنفه ويمسحها معترفا لها بالجميل لتحملها مشقة النهار والسهر معه، تقلقه أحيانا المخالفات البلدية من أتربة في غير مكانها وحفر في غير موطنها وسيارات في غير مرابضها وأوساخ تناستها «براوط» البلدية وأنهج تعب في البحث عن فك رموز تسميتها رغم استعماله الوسائل العصرية في البحث لكنه خلق لكل ذلك أعذارا فهو الذي ضحى ليرتاح بعد نصب وسكن موطنه ليزيده فخرا. تقلب على جنبه الايسر ليستفيق على حقيقة أن وقت السحور قد فاته وان الحلم الذي زين له كل ذلك سيتعبه في اليوم اللاحق وأن عنقود العنب الذي كان سيتناوله قبل أذان الفجر قد منع عنه وليس له الا الصبر والدعاء باللهم انا ندخر عندك صالح أعمالنا.