٭ أجرى الحوار: عبد الرؤوف بالي ٭ تونس «الشروق»: اعتبر الدكتور نوري المورادي رئيس الحزب الشيوعي العراقي أن الانسحاب الأمريكي من العراق يمكن أن يكون خدعة سياسية، لكنه في كل الأحوال لا يصب إلا في مصلحة المقاومة العراقية، موضحا ان كل من إيران وعملائها ونظرائهم الأمريكان هم المتضررون من هذا الحدث. وأكد الدكتور المورادي في حديث ل«الشروق» ان الشعب العراقي ضاق ذرعا بسياسات العملاء وبالاتفاق بين طهران وواشنطن على مراعاة كل منهما لمصالح الآخر في العراق. هذا إضافة إلى الانقسامات التي زرعتها القوى الاستعمارية في بلاد الرافدين، مشيرا إلى أن هذه العوامل تجعل الفرصة سانحة أمام المقاومة لاعادة تنظيم الشعب العراقي وطرد المحتلين والعملاء، وفي ما يلي نص الحوار: ٭ دكتور بعيدا عن ما نصت عليه الاتفاقية الأمنية، كيف تفسرون سحب أمريكا لقواتها المقاتلة في هذا الوقت بالذات؟ في الحقيقة يجب أن نكون حذرين من تسمية ما تقوم به أمريكا بالانسحاب وذلك للأسباب التالية: أولا: لا نعلم ولا أحد يعلم كم جنديا سحبت أمريكا بالفعل وكم بقي، فهم يقولون إن الباقين في العراق حوالي 50 ألفا وهو ما يعادل نصف القوات المتبقية في العراق، إضافة إلى عناصر الحماية التابعين للشركات الأمنية وهم بالآلاف. ثانيا: إذا كانوا يرمون إلى القيام بالدعاية فقد فشلوا لأن الانسحاب الذي قاموا به جعل المقاومة العراقية تنصب أعلامها رسميا في عديد المدن العراقية وهو ما يسمى بالدعاية المضادة أي أن أمريكا خسرت معركتها الدعائية أيضا. ومن ناحية أخرى نجد أن الادارة الأمريكية بحاجة إلى شد حزم قواها لمواصلة الحرب في أفغانستان، خاصة بعد الفشل الذي منيت به هناك ومستوى الاحباط الذي أصبحت عليه القوات الغازية، حتى أن بعض النواب والساسة الأمريكان أصبحوا يطالبون بالتفاوض مع حركة «طالبان» التي ترفض ذلك وتطالب بدورها ومن موقعها كمنتصر في الحرب برحيل تلك القوات، وبذلك تكون الخطة الأمريكية فاشلة أيضا. ٭ كيف يمكن أن تؤثر العملية التي تقوم بها أمريكا اليوم في العراق على الرقعة السياسية؟ سواء صدق الأمريكان في انسحابهم أم تبين ان الأمر كان مجرد خدعة سياسية يبقى الانعكاس الذي سيخلفه ذلك الفعل قائما في صفوف القوائم السياسية التي ولدها الغزاة. فخبر الانسحاب عزز من قوة المالكي وحظوظه لأن أمريكا كانت تدعم إياد علاوي، وما وقع هو عملية كسر عظم الأخير. ثانيا: الكل يعلم أن لايران ميليشياتها في العراق، أضف إلى ذلك أن جماعتها وأقصد الصدر والمالكي والحكيم لديهم 160 مقعدا في البرلمان وإذا كانت إيران قادرة على تقرير تشكيل الحكومة الاستطاعت فعل ذلك. النقطة الثالثة هي أن جماعة إيران يجمعهم مذهب واحد وحتى لو جرت انتخابات وفاز فيها العلاوي سيرفضون. هذه هي صورة العراق السياسية اليوم وقبل شهر تقريبا قلت ان هذا الصراع لن ينتهي لأن المناخ في العراق لا يسمح بفرضية تحقيق الاستقرار. فجماعة إيران لا تستطيع التقرير لوحدها وفي المقابل من يخرج عن هذه الجماعة يكون مصيره الموت. ساسة «العراق اليوم» هم أشبه بالمماليك وأول من يقتلون بعضهم. هناك اتفاق بين أمريكا وإيران وهم يلتقون في المنطقة الخضراء ويجرون المبادلات والحوارات، وقد قالها المالكي مؤخرا بوضوح قال ان أمريكا لا تستطيع تعيين رئيس وزراء لا تقبل به إيران. إذن فهذا العمل سواء صدق أم كذب ستكون له انعكاسات على غلمان الاحتلال، ونذكر هنا قول السفير الأمريكي إن الولاياتالمتحدة تملك استثمارات ب3 تريليون دولار في بلاد الرافدين، أي أنها لا يمكن بأي حال أن تخرج من العراق إلا عن طريق المقاومة. ٭ ما مستقبل الدور الايراني في العراق بعد ما يسمى بالانسحاب الأمريكي؟ حاليا القرار الايراني على الصعيد السياسي هو النافذ، أما على المستوى الاجتماعي فلا. النقطة الثانية هي أن اتباع طهران كشف أمرهم لدى الشعب العراقي وظهروا لصوصا على حقيقتهم، لكن إيران لا تملك بدائل. الشعب العراقي لن يقدم بدائل أخرى وهو ما يجعلنا نتأكد من أن إيران لن تكون الرابح الأول أو الثاني في العراق. إذا ما اعتزلت أمريكا العمل في العراق فعلا فهذا لن يكون في مصلحة إيران أيضا فالمقاومة لن تترك أي محتل وهي صاحبة القرار في الساحة العراقية كما أن الشعب سينهض وسيكنّس إيران وغيرها. ولنا أن نسأل هنا لماذا لم تضرب أمريكا إيران إلى حد الآن؟ ولماذا تعارض كل مقترحات العقوبات القصوى ضدها في مجلس الأمن؟ لأنهم شركاء في الخفاء. الخلاف الظاهر بين إيران وأمريكا هو خلاف بين قوتين استعماريتين وخروج أمريكا سيسهل مهام المقاومة. ٭ كيف تتصورون مستقبل العراق بعد أن نجحت أمريكا في تقسيمه إلى ثلاث أو أربع دويلات منفصلة دينيا وجغرافيا وعرقيا؟ لا أنكر أن هذه معضلة بالفعل والأمريكان وزعوا هذه المشكلة، لكنها منتهية لأن تلك القوى لا يمكن أن تتوحد. الأمريكان طمحوا إلى تحويل كردستان لكشمير الشرق الأوسط، لكن لكل لعبة حدودا وسرعان ما سيكتشف الأمريكان أن هذه الدويلات سيسهل على أي قوة اجتياحها واخضاعها كالكوت. هذه المشكلة ستنتهي بعد السنة الثانية لتحرير العراق على يد المقاومة، لأن قوى التقسيم منقسمة على بعضها ويسهل استفرادها وحدة بعد أخرى من قبل المقاومة. وما سيجعل مهمة المقاومة في إعادة التوحيد سهلة هو أن أمريكا لن يمكنها ل50 سنة أخرى خوض أي حرب، إضافة إلى أن الشعب العراقي أحس معنى الظلم والاقصاء والحرمان، ففي الانتخابات الأخيرة أقصي 75٪ من الشعب كما يعاني معظم أبناء شعبنا من نقص فادح في الكهرباء والماء والغذاء. بإعادة تنظيمه الشعب سيلتف على كل هؤلاء ويكنسهم، عملاء أمريكا وإيران لن يدعمهم أحد في المستقبل لأن أغلب الدول التي كانت تدعم احتلال العراق أو أفغانستان تعينت وانسحبت ولا أراها تعود إلى تجربة الحرب مرة أخرى. إذن فالمشكلة موجودة لكن عناصرها ضعيفة جدا، والجرائم التي ارتكبت بحق الشعب تلك حقوق لا يمكن أن تذهب أدراج الرياح.