كان جمهور القصرين ليلة 20 رمضان على موعد مع الفنان والعازف على آلة السنطور وهي آلة عراقية تشبه القانون العراقي زكي درويش ضمن الدورة الثانية لمهرجان ليل المدينةبالقصرين غنى فأبدع فأمتع فأقنع صحبة فرقته حيث قدم موشحات ومواويل وأغاني عراقية وعربية مما أثار اعجاب الجمهور الغفير الذي امتلأت به ساحة مسرح وسام فكانت ليلة من ألف ليلة وليلة ذكرتنا بليالي بغداد والبصرة والموصل وبالشاعر زرياب وبزمن الفن الجميل وبالعصر الذهبي لبلد الرشيد، غنى لمحمد عبده وكاظم الساهر وتغنى بتونس والقصرين وبين الأغنية والأخرى كان يتحف جمهوره بالشعر العربي الأصيل، الفنان العراقي لم يخف حسرته على ما آلت إليه بلاد الرافدين وعبر عن عشقه للعراق لما قال: «أنا مجنون ببغداد» التي قال فيها أبياتا هذا نصها: «ألا بغداد لا أهوى سواك ٭ مدينة وما لي عن أمي العراق بديل» كان مهموما لما حاورناه متشائما حو مستقبل العراق السياسي معوزا أسباب تعرض بلده للنكبات المتتالية منذ غزو التتار إلى الغزو الأمريكي الهمجي إلى «ان بغداد يقصد العراق طبعا هي منارة العلم ومهد الحضارات» مما جعلها محيط أطماع القوى الظالمة ملاحظا ان العراق تحالفت ضده كل القوى بما في ذلك العربية والايرانية علاوة على «الاسرائيلية» والأمريكية طبعا. سألناه عن صدام حسين فرد سريعا وفي صوته حزن كبير بأنه من القادة الأفذاذ في العالم العربي وأن العراق زمنه كان يعيش في نعيم لن يراه مستقبلا حيث لا تفرقة في عهده ولا تقتيل ولا تشريد ولا فتنة ولا ظلم فالرجل لم يكن دكتاتورا بل كان حازما والحزم مطلوب أحيانا مضيفا ان صدام حسين كان عازف عود وفنانا وشاعرا رومانسيا ومن الصعب على الفنان أن يكون ظالما. هذا الحزن وهذه المرارة لم يمنعا زكي درويش من امتاع جمهوره بأحلى الأغاني وأرقى القصائد.