من يتابع مسلسلاتنا يخاف... يخاف من كل هذه الانماط التي تخطف أضراس الكلب وهو ينبح ويكتشف هذا الكم الكبير من الزيف... قتل ومؤامرات وخدع وسيارات حرس وشرطة تبحث هنا وهناك... هل هذا فقط ما وجدوه صالحا للتمثيل في مسلسلاتنا التي أصبحت تجتر نفس القضايا وتتشابه خصوصياتها؟ ارحموا مجتمعنا... لا لم نصل الى هذه الدرجة... دعوا الاثرياء وفضاءاتهم وسياراتهم واذهبوا الى العامة.... ابحثوا عن الدراما في القرى والارياف والاحياء البسيطة أما مسلسلات النزل والسيارات الفارهة فغير متناسقة وصارت مملة وغير منطقية.... شخصيات فقيرة ومتوسطة الحال تقطن في فضاءات فسيحة وخيالية وترتدي ملابس فخمة... «سيب فوزي»! أكثر الفكاهيون هذه الأيام ومنهم «ميغالو» من تقليد المدرب الوطني فوزي البنزرتي... هم أحرار لكن هذا العسل «مساط» كما يقول المثل... قلدتم فوزي مرارا وأضحكتم من ضحك... هاتوا الجديد ودعوا الرجل... وافعلوا للمنتخب ما أنتم فاعلون... لقد صار تقليد البنزرتي اجترارا ف«سيب فوزي». الخليج بيضحك... لم يعد مشهد الفكاهة الرمضانية مقتصرا على عرب الانفتاح بل تعدى ذلك ليصير المشهد الفكاهي خاصية من خاصيات عرب الالتزام الديني والتشدد... الخليج توغل في هذا الجانب والقنوات الخليجية الخاصة والعامة صارت تقدم أطباقا متنوعة ومثيرة وذات جرأة... سلسلات مثل بيني وبينك أو طاش 17 تقدم أعمالا جريئة ومثيرة للجدل والنقاش وهو ما يوحي أن الخليج يقترب من تحقيق قفزة أخرى فبعد القفزة الاعلامية التي جعلت منه قبلة لمتابعي الأخبار العالمية والعربية ها أنه في الطريق الى تألق الدراما والفكاهة أو لنقل الرأي الدرامي... جمل جنات... متى؟ مرة أخرى اعترف الجمهور التونسي أن الاديب عبد القادر بن الحاج نصر «وليدها» كما يقال وهو من خيرة كتاب الدراما عندنا. وقد كشف المسلسل أنه من طينة الكتاب القادرين على تحقيق نصوص محترمة، ولكن من يعرف هذا الكاتب يدرك حزنه على عمله التاريخي الوطني الذي طال انتظاره ويبدو أنه لم يجد الآذان الصاغية. مازال جمل جنات العمل الذي أعده منذ سنوات وتعلق بالحركة الوطنية وبالذاكرة النضالية في الرفوف... وكأن ليس من حق الجمهور التونسي استعادة شيء من ذاكرته... اننا نحتاج الى هذه النوعية من الأعمال حتى نخرج من رتابة الدراما التونسية فمتى يلتفت من يهمهم الامر الى جمل جنات؟