تونس الصباح مساء السبت الماضي كان لجمهور الدورة 43 لمهرجان قرطاج الدولي موعد مع حفل الفنان العراقي كاظم الساهر.. موعد بدا وكأن هناك اصرارا على جعله طربيا من الطرفين متميزا واحتفاليا ايضا في احد جوانبه.. فالجمهور الذي جاء بأعداد غفيرة (وهذا لا يعد مفاجأة في حد ذاته) بدا وكأنه لم يأت الا ليغني مع كاظم الساهر للحب والرومانسية والامل.. والعراق.. بدوره بدا الفنان كاظم الساهر وكأنه قد اشتاق للغناء في قرطاج وبين يدي جمهور قرطاج.. لذلك هو لم يدّخر جهدا في تنويع برنامج حفله الذي تواصل على امتداد ثلاث ساعات كاملة تقريبا غنى خلاله الكثير من قديمه والقليل من جديده. بلا أحزان على الرغم من مأساوية الخبر الذي ساقه الفنان كاظم الساهر لجمهور قرطاج في مفتتح الحفل والذي اعلن من خلاله عن وفاة أحد عازفي الفرقة ويدعى علي طالب عبد الحسين كان يفترض ان يكون مع المجموعة الموسيقية في حفل قرطاج لو لا ان اختطفته يد الموت ليكون أحد الضحايا المدنيين الابرياء للعنف الدموي في العراق.. على الرغم من هذا الخبر المأساوي فقد كانت ليلة فن وطرب عراقية جميلة وبلا أحزان زادها حضور بعض افراد الجالية العراقية بتونس الذين أخذوا مكانهم ضمن الجمهور ورفعوا علم العراق ورقصوا الدبكة على أنغام بعض الأغاني من الفلكلور العراقي.. زادها بهاء ورونقا وحميمية. اما سيد هذا الحفل ونجمه فلم يكن قطعا سوى الفنان كاظم الساعر الذي أكد مرة اخرى انه مطرب يمتلك خصوصية ليس فقط على مستوى الصوت والاختيارات الغنائية وانما حتى على مستوى الاسلوب في الحضور الركحي وفي الاداء وفي التواصل مع الجمهور.. فهذا العندليب العراقي الذي لا يشبه أحدا ولا يشبهه احد من المطربين العرب من ابناء جيله اضحى لدى قطاع عريض من الجمهور العربي في المشرق والمغرب رمزا للأغنية الرومانسية والعاطفية الطربية والعصرية الراقية كلمة ولحنا وغير المبتذلة. لقد غنّى الفنان كاظم الساهر لجمهور مهرجان قرطاج الدولي في سهرة يوم السبت الماضي من قديمه وجديده كما غنى لبغداد الشهيدة من كلمات رفيق دربه الشاعر كريم العراقي.. اغنية يقول مطلعها: تعاليْ أقبّل وجهك.. تعاليْ أضمّدُ جرحك.. تعاليْ أمشّط شعرك.. تعاليْ أشربُ دمعك.. بغداد.. بغداد.. كاظم الساهر غنّى ايضا وكعادته للحب وللمرأة.. غنّى «الليلة احساسي غريب.. عاشق وأنا مالي حبيب» وغنّى «لم يحدث ابدا سيدتي» و«اضحك على عقلك» و«هل عندك شك» التي رددها الجمهور معه كالعادة وغنّى «قلّي ولو كذبا» وغنّى من الفلكلور العراقي.. فكان برنامجا متنوعا راوح فيه كاظم الساهر بذكاء بين القديم والجديد.. بين الاغنية العاطفية والوطنية والفلكلورية فكانت سهرة رائقة مع واحد من ابرز نجوم الاغنية العربية من اولئك الذين يقدّرون فعلا معنى ان تطمح لان تكون مطربا وان تكون الموسيقى والغناء هما اداتك لاسعاد الناس والمساهمة في الارتقاء بالذائقة الفنية للجمهور العربي واثراء المدوّنة الغنائية العربية وجعلها طربية واصيلة ومعاصرة في نفس الوقت.