يعلم كثيرون على ضوء ما تشير اليه الوثائق والمراجع التاريخية أن عقبة بن نافع أسس القيروان سنة 50 للهجرة وانه اختط جامعها الأعظم وغير ذلك من المناقب والانجازات. غير ان الحديث عن وفاة عقبة بن نافع الفهري وضريحه لم يتم تداوله بنفس الحجم وظل طي النسيان رغم كون عقبة يعتبر حسب كثيرين من الصحابة ويدعونه «سيدي عقبة». كان عقبة بن نافع عائدا إلى القيروان في قلة من أصحابه لأنّ جيشه سبقه فاغتنم الزّعيم البربري هذه الفرصة وحرّض البرابرة على اغتياله، فأوقعوه في كمين قرب بسكرة وقتلوه عام 683م ولعل هذا آخر ما يذكر عن ملاحم عقبة ومسيرته. في الجزائر وفي قرية سيدي عقبة الواقعة نحو 20 كلم عن مدينة بسكرةالجزائرية تم دفن عقبة وشيد له ضريح أصبح مزارا يسمى بضريح سيدي عقبة أقيم حوله مسجد يعد اليوم رمزا للعمارة الجزائرية وهمزة وصل بين القيروان والغرب الاسلامي. تحفة معمارية ويعد هذا المسجد من أقدم مساجد شمال إفريقيا المجسدة للطراز الديني. كما تحول المركب على مر العصور إلى مركز إشعاع ثقافي وديني. ينبثق تصميمه من تصميم أول مسجد بني بالمدينة المنورة. احتضن الضريح قبر الوالي عقبة بن نافع. وبعد مرور 350 سنة على وفاته، شهدت البناية عدة أشغال ترميم وتزيين مثل الباب الرئيسي الذي صنع في العهد الفاطمي من الخشب المنقوش، وهي تحمل شبها كبيرا بأخشاب جامع القيروان التي أنجزت تحت حكم المعز(1016-1062). والباب غني بالتوريق والزخارف تذكر بالشرائط المظفورة والمطروزة. ويتم الدخول إلى قاعة الصلاة عبر ثلاثة أبواب جانبية، وهي تضم سبع بلاطات متعامدة مع جدار القبلة وسبع أساكيب. هذا التموضع العرضي الذي اختير منذ الفترة الأموية، ليس فقط المثال الأقدم ولكنه الأكثر ملاءمة للصلاة. ترتكز الأقواس الدائرية المتجاوزة المثبتة بواسطة عوارض خشبية، على أعمدة من جذوع النخل. بينما تتخد الغرفة الجنائزية شكلا مربعا وتغطيها قبة. وهي تقع في الركن الجنوبي الغربي للمسجد. تحت حكم المعز بن باديس زين الضريح على طراز الخزانة التي أهداها الأمير الزيري لجامع القيروان. كتبت على قبر الضريح نقيشة هي الوحيدة في الجزائر التي تعود إلى الفترة الزيرية وهي شبيهة من حيث الخط بالنصب الجنائزية القيراونية التي تعود إلى حوالي 1025. وتقع الصومعة في الركن الجنوبي الغربي لقاعة الصلاة، وهي تتكون من برج مستطيل تتخلله لوحات متراكبة وينتهي بشرفات وتتشكل زخارفها من نوافذ مسدودة وأخرى مفتوحة تعلوها عقود دائرية متداخلة. وبإحدى الأروقة المحيطة بالمسجد قرب المدخل الرئيسي، يوجد حجر اسود يذكر بذلك الموجود بالكعبة المشرفة بمكة. ٭ ناجح الزغدودي ٭ المرجع: بورويبة، اسهامات الجزائر في الهندسة الدينية العربية-الاسلامية، الجزائر، أوبنا، 1956.