لاشك في ان الظهور الفجئي لنجم مسلسل «كاستينغ» حمة حمة احرج جهات كثيرة وأولها بالتأكيد وزارة الشؤون الاجتماعية وثانيها المجتمع المدني.. فجأة اكتشف مجتمعنا ان لدينا أطفالا ب «الشارع» حتى لا نقول «أطفال شوارع» بالمعنى التقليدي والسوسيولوجي للكلمة. هل ان مركز الرعاية الاجتماعية للأطفال ومراكز الاصلاح التربوي لا تستجيب لخصوصية هؤلاء الاطفال الذين اكتشف سامي الفهري بعضهم فجأة وهل كان من الضروري ان تتدخل شركة انتاج تلفزي لتحيلنا الى ظاهرة اعتقدت وزارة الشؤون الاجتماعية انها انقرضت؟ وهل حقا يمكن اعتبار وضعية حمة حمة حالة معزولة وشاذة وكل شاذ يحفظ ولا يقاس عليه أم ان هذه الحالة يمكن ان تكون الشجرة التي تحجب الغابة؟ دون الدخول في متاهات الاجابة عن هذه المسألة الشائكة حيث ان وزارة الشؤون الاجتماعية وحدها هي التي تملك مفاتيح الأجوبة ويمكن التأكيد على أن هذه الوضعية يجب ان تكون مدخلا الى التفكير في الآليات الحقيقية التي تمكننا من القضاء على هذه الظاهرة حتى وإن قالت الوزارة انها معزولة.. ورغم كل ما قيل ويقال فإن لدينا اطفالا يعانون من الإهمال ومن خلل في التربية والإحاطة العائلية ومن الانقطاع المدرسي رغم مجانية التعليم والنصوص القانونية التي تحمي الطفولة. وبكلمة لا يزال لدينا أطفال ب «الشارع» وإذا كان التفكير في هذه الوضعية هو مدخل الى الحل فإن الجرأة هي مدخل هذا التفكير وقد كنت منذ شهرين تقريبا استمعت في برنامج «الحقيقة» على قناة حنبعل الى السيد محمد الزريبي المدير العام للنهوض الاجتماعي الذي قال ان الوزارة تتعاطى مع ما يزيد على 100 ألف حالة في المجتمع في حاجة الى الرعاية والمنح وأن مدخل الوزارة في التعامل مع هذا الملف هي الجرأة بحيث انه لا يجب الخجل من وضعياتنا السيئة والمعزولة. من المؤكد ان زاوية التناول هذه ستكون موفقة في تمشيها وفي نتائجها ولكن لا يجب ان تظل شعارا فقط إذ انه من الواضح ان مشكل حمة حمة أحرج الوزارة حقا وأظهر ان الهياكل الحالية عاجزة عن القضاء على هذه الظاهرة ما لم تتدعم بهياكل او آليات تنفيذية جديدة مكوّنة من وزارات الشؤون الاجتماعية والصحة والداخلية تملك فعليا آلية التدخل لأنقاذ الطفولة الجانحة خاصة. وجوابا عن السؤال الذي طرحناه منذ البداية من احرج الوزارة حمة حمة أم سامي الفهري؟ سنقول ان لشركة «كاكتوس» حساباتها الخاصة بصناعة «الدراما» والنجوم فالتحول الفجئي في حياة الطفل محمد الدشراوي (الاسم الحقيقي لحمة حمة) من تكفل الشركة بتأثيث البيت ودفع كرائه... الخ يدخل دائما في إطار مقتضيات هذه الصناعة أما الحلول الحقيقية لوضعية «إخوان» حمة حمة (بعضهم مثل في نفس المسلسل) فإنها تبقى بيد وزارة الشؤون الاجتماعية المطالبة بالتحرّك باستمرار وليس بعد اكتشاف بعض الحالات.