لم تمض فترة قصيرة على تأسيسها حتى أصبحت منارة للإشعاع الفكري والديني والحضاري في عصور الأغالبة والفاطميين والصنهاجيين. تلك هي القيروان ولادة العلماء في شتى الميادين، سحنون بن الفرات في علوم الدين والفقه وابن رشيق والحصري وابن شرف في الشعر والأدب وابن الجزار في الطب وغيرهم كثير ممن حول معسكر عقبة إلى بيت للحكمة ومنارة نحو الغرب. واحتفاء بهذا التاريخ الأسعد وإحياء لأمجاد العلماء الذين خلدوا آثارهم على الثرى الثري، وفي إطار الاحتفاء بالقيروان عاصمة الثقافة الإسلامية تحت رعاية الرئيس بن علي تنظم جامعة القيروان بالاشتراك مع منظمتي الايسيسكو واليونسكو ندوة دولية بعنوان «الاحتفاء بكبار علماء القيروان». الندوة تحتضنها عاصمة الأغالبة من 28 سبتمبر إلى غاية 30 من نفس الشهر وذلك تحت اشراف الأستاذ الأزهر بوعوني وزير التعليم العالي والبحث العلمي والتكنولوجيا. ويشارك فيها أساتذة تونسيون ومن ليبيا ومالي والجزائر والسعودية ومصر والمغرب وتركيا وممثلين عن منظمتي الاسيسكو واليونسكو. وتتوزع الندوة على خمس (5) جلسات علمية تختتم بنقاش قبل الجلسة الختامية. اما الافتتاح فينطلق بتلاوة آيات من القرآن الكريم تفتح الندوة. تليها كلمة ممثل المنظمة الاسلامية للتربية والثقافة (الاسيسكو) ثم كلمة لممثل اليونسكو. فكلمة لرئيس جامعة القيروان ثم كلمة المنسق العام للتظاهرة جعفر ماجد قبل كلمة الوزير الأزهر بوعوني. حياة العلم والثقافة الجلسة الأولى بنزل القصبة برئاسة محمد غنام وتتضمن مداخلات عن الحياة العلمية بالقيروان (فرحات الدريسي من تونس) ومداخلة عن المدرسة الفقهية القيروانية (عمار الطالبي من الجزائر) وأخرى عن دور الثقافة العلمية القيروانية في ارساء الثقافة العلمية اليوم (الطاهر القلالي من تونس) وعن أحمد بن الجزار رائد المدرسة الطبية (أحمد بن عبد العزيز من تونس) قبل محاضرة لكمال عمران. أعلام القيروان الجلسة الثانية بكلية الآداب برقادة برئاسة محمد اليعلاوي وفيها تقديم لبعض الاعلام، على غرار علي بن زياد شيخ المدرسة الفقهية (محمود حسن جبران من ليبيا) ومحاضرة عن النهشلي القيرواني وشعره وعلمه (المنجي الكعبي من تونس) ثم يقدم عبد اللّه بن صالح من السعودية «سيرة أبو زيد القيرواني وأثره في المشرق». ومداخلة لمحمد الروكي (من المغرب) عن أب عمران الفاسي واثره في القيروان ويختتم التونسي محمد حسن الجلسة بمداخلة عن علماء القيروان في المعهد الحفصي. الكتب والمعالم أما الجلسة الثالثة فتنعقد بمركز الدراسات الإسلامية (القيروان) برئاسة حمادي المسعودي (تونس) تتناول مسألة الحديث والمحدثون في رياض النفوس (علي عبد اللّه الزبن السعودية) ومعطيات الثقافة المادية في كتاب رياض النفوس (رياض المرابط من تونس) وعمارة المسجد الجامع ودوره العلمي (خالد عزب من مصر). أما أحمد أزول (من تركيا) فيدارس عن مخطوطات العلماء القيروانيين بمكتبات تركيا قبل أن يختتم محمد زكريا عناني (من مصر) عن العلاقة الوثيقة بين الاسكندريةوالقيروان. إضافات العلماء الرابعة يترأسها بشير نقرة (من تونس) وتفتح بمداخلة عن صلحاء الرجال في كتب التراجم لمحمد اليعلاوي من تونس ودور الفقهاء الليبيين في نشر الحضارة والفكر من خلال مدرسة القيروان لعبد السلام سعد (من ليبيا). كما تتناول منجية السوايحي (من تونس) تقديم عالمات القيروان ومحسناتها ليختتم محمد طاع اللّه (تونس) الجلسة عن ابن الجزار والتربية الشاملة. الدراسات الجلسة الختامية يترأسها محمد مسعود جبران من ليبيا وتنطلق بدراسة في فتاوى الشيخ عظوم القيرواني من خلال كتاب تذييل المعيار لابن عثمان التويجري (تقديم الليبي جمعة محمود الزريقي) ثم يقدم المالي سامي خليل «العلاقات الثقافية بين القيروان وتنبكتو» (قرن 10 13 هجري) في حين يحاضر الصحبي العلاني (تونس) عن «العلماء القيروانيين والسلطة في العصر الوسيط» لتكون محاضرة الختام مع عبد السلام الفطناسي (تونس) عن دور القيروان في الفكر السياسي. وتختتم الندوة ظهر الاربعاء 30 سبتمبر بقراءة البيان الختامي وتلاوة التوصيات. وتعتبر هذه الندوة لمسة وفاء من رجال الحاضر لرجال صدقوا رسالتهم التاريخية وأشاعوا ثقافة العلم وحوار الثقافة في أرجاء العالم وتأكيدا لدور القيروان في نشر العلوم بأنواعها وفي نشر ثقافة التسامح وحوار الثقافات.