غير بعيد عن منزل والديها وفي غفلة من الجميع عثر عليها شقيقها تتدلى جثة هامدة من أحد أغصان شجرة زيتون. كان المشهد مرعبا وغريبا بالنسبة إليه، لم يحتمل رؤيته فصرخ بأعلى صوته والتف حوله أفراد عائلته وجيرانه الذين اكتشفوا بدورهم هول المصيبة التي حلت بهم في آخر يوم من أيام شهر رمضان المعظم. هذه الحادثة جدت عند ظهر يوم الخميس الماضي بأحد الأحياء الجديدة الواقعة في أطراف مدينة قصر هلال والضحية فيها فتاة في الرابعة عشرة من عمرها كانت إلى وقت قريب تعيش طفولتها بكل ما تحمله الكلمة من معان وتجلس إلى مقاعد الدراسة قبل أن تغادرها وتنخرط في سوق الشغل رغم تألقها وتميزها بشهادة الجميع. هذه الفتاة كانت تعيش وسط أسرتها حياة عادية فوالدها يعمل في حضائر البناء ويربي بعض الأغنام ووالدتها ربة بيت سخرت وقتها وجهدها للاعتناء بأبنائها وزوجها. كانت العائلة تعيش في سعادة وهناء وهي تستعد لاستقبال عيد الفطر المبارك لكن ما كل ما يتمنى المرء يدركه إذ سرعان ما انقلبت حياتها رأسا على عقب وتحولت أفراحها إلى أحزان. ففي يوم الواقعة انهمكت الأم في صنع حلويات العيد صحبة بناتها وخرجت الفتاة (الضحية) تلهو وتمرح صحبة شقيقها بين أشجار الزيتون قبالة المنزل. كان كل شيء عاديا وفي تلك الأثناء انصرف الشقيق لجلب الخرفان التي كانت ترعى في مكان غير بعيد عنه وبعودته تفاجأ بالمشهد الذي وقعت عليه عيناه. أخته تتدلى في أحد أغصان شجرة زيتون.. ظنّها في البداية تمزح. تسارعت دقات قلبه وجثم الخوف على صدره وهو يخطو نحوها ويقترب منها. ولكن الحقيقة كانت غير ذلك، فأخته جثة هامدة بعد أن فارقت الحياة، أطلق عقيرته بالصياح فهرع إليه أفراد أسرته وبعض الجيران.. أنزلوها وتركوها في مكانها إلى حين وصول أعوان الحرس الوطني وممثل النيابة العمومية الذين تمّ ابلاغهم بالحادثة. وعلى الفور وبمجرّد القيام بالمعاينات الموطنية أعطى ممثل النيابة العمومية إذنا بنقل الجثة إلى المستشفى الجامعي فطومة بورقيبة بالمنستير لوضعها على ذمة الطبيب الشرعي قصد تحديد الأسباب الرئيسية للوفاة فيما فتح أعوان الحرس الوطني بحثا في الغرض للكشف عن ملابسات الحادثة وحيثياتها بشكل يقطع مع الشائعات التي راجت مباشرة بعد اكتشاف الجثة.