ينشغل سكان المناطق الريفية شمال وغرب ولاية الكاف هذه الأيام بعمليات التنقيب عن النفط التي تجري منذ بضعة أسابيع في مناطق وعرة وجبلية لم يكن أحد يتوقع أن تصلها مثل هذه العمليات أصلا. وكانت العشرات من المعدات الثقيلة و«غريبة الشكل» قد أخذت طريقها نحو أرياف جهات «سركونة» وكبريتة» في الجهة الغربية من جبل الدير شمال ولاية الكاف وشرعت في الحفر والتنقيب، مخلفة عدة تساؤلات بين سكان هذه المناطق الريفية التي لا يعرفها سوى سكانها عادة. وسريعا ما تبين أن المسألة تتعلق بالتنقيب عن النفط في الجهة التي تتميز بطبيعة وعرة تتراوح بين الأودية السحيقة والتلال التي تعود الناس أن يزرعوا فيها الحبوب منذ آلاف السنين رغم صعوبة وصول الآلات الفلاحية إليها. وعلى المستوى الرسمي، تبين أن شركة تسمى «بريم أويل» تتبع الشركة الفرنسية «سوبروديس» قد حصلت منذ بداية 2008 على رخصة تنقيب باسم «الكاف» على مساحة تقارب 3 آلاف كيلومتر مربع في المنطقة الواقعة شمال الولاية، في عقد أمضاه السيد عفيف شلبي وزير الصناعة، مع ممثلي الشركة الفرنسية بالإضافة إلى الشركة الاسترالية «أويل سريش تونيزيا»، وذلك بالشراكة مع المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية. وكشفت مصادر مطلعة ل«الشروق» أن عقد التنقيب قد بلغ 5 ملايين دولار أمريكي. وتبدو المنطقة التي شملتها عمليات التنقيب الأولى في السفح الغربي لجبال الدير مناقضة تماما للصورة التي يملكها الناس عن أماكن النفط فهي جبلية تتكون من التلال الضيقة والغابات الكثيفة. لكن عمليات التنقيب التي تستند إلى دراسات جيولوجية استمرت حثيثة وتم الاتصال بالعديد من أصحاب الأراضي الواقعة في تلك المنطقة حيث عرض عليهم مسؤولو الشركة عقودا لتمكين الخبراء وآلاتهم من المرور أو إنجاز عمليات التنقيب في انتظار ما ستسفر عنه هذه العملية، لكن لا أحد تحدث في المستوى الحالي من الأشغال عن إمكانيات التعويض لأصحاب الأراضي. وكشفت مصادر غير رسمية أن خبراء الشركة قد حصلوا على عشرات العينات من أماكن التنقيب وأرسلوها إلى مخابر متخصصة في أوروبا في انتظار النتائج. وتوقعت هذه المصادر أن تكون النتائج إيجابية لكن في حدود متواضعة على مستوى الكمية، مؤكدة على حاجة الدولة التونسية إلى أية كمية من المحروقات في باطن الأرض في ظل الارتفاع الكبير في أسعار النفط في العالم وفي ظل المجهود الكبير الذي تبذله الدولة في دعم المحروقات على مستوى الاستهلاك.