أيها الرائعون، صباح الخير أيها الراسخون في دمائنا، المتوغلون في قلوبنا، صباح الخير تشرق الطبيعة لتحضنكم ويطرب العالم لخطاكم فأنتم مستقبله.. إن اللوز لا يزهر استجابة لدورة الطبيعة فحسب، إنه يزهر ليعطركم أيضا وأنتم تتوجهون الى المعهد.. ترافقكم الفراشات وأنغام العصافير وأدعية الأمهات.. أيها الرائعون، تأكدوا أن المعرفة متعة وأن التعلم واجب بقدر ماهو حق.. المعرفة ترقي الانسان.. قاعة القسم وقاعة الأوبرا أمر واحد: كلاهما معبد لموسيقى الروح.. لا تحسبوا أن المدرس يشرح نصا أو رسما أو معادلة علمية.. إنه يعيد صياغة العالم وفقها.. ويصغي الى نداء الكون معكم.. وبكم المعرفة أفقية، تفاعلية أو لا تكون لا تتصوروا أن المدرس يكتب بالطباشير على السبورة.. إنه يكتب بنبض القلب على صفحة الوجود.. لذلك يستعذب المدرس ترشف عمره القصير على مدارج المعرفة.. أن تكون يعني كيف تكون، تلك هي المسألة! يرفض المدرس أن يفيض عن الحاجة وهو ممنوع من التنفيل بالوقت بدل الضائع.. إذ لا وقت ضائع لديه. لا يجتهد الطبيب كثيرا في تشخيص دواء المدرس: الاجهاد، الحساسية، تضخم القلب وأنفلونزا الفراشات.. وصفت لي طبيبتي يوما: «قارئة الفنجان»! أيها الرائعون.. إن جمال الجوكاندا ليس نابعا منها.. إنه انعكاس لجمال عيونكم وأذواقكم أيها الرائعون، حماقة أن تختزلوا علاقتكم بالمدرس في التقييم الجزائي، العدد هامش أما المعرفة فهي المركز.. لا أحد يريد لأحد أن يكون أفضل منه سوى الولي والمدرس.. «إقرأ» أول وصايا اللّه لرسوله.. وآخر نصائح الآباء.. لأجل نار المعرفة تحمّل «برومثيوس» عقاب كبير الآلهة.. ولأجل نورها تجرّع «سقراط» السّم.. «قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون»؟.. في المدرسة يتأخى الأدب والرسم والعلم والموسيقى.. في قاعة القسم يتجالس أرسطو، الشابي، بيكاسو، طالاس، أنشتاين، حنبعل.. وباخ.. المدرسة فضاء لتمثّل العالم.. رسومكم الطفولية على الطاولات هي بداية تفتح إدراككم العاطفي وعنوان لايناع أحلامكم.. التردد، الهمس، البوح، اللهفة.. وكل هذه السمفونية العاطفية يحتضنها القسم.. وتباركها «أفروديت» من ألوان ميدعة التلميذة تستمد الحياة بهاءها: الأبيض: لحظة الخلق ولون البدايات.. الأزرق: وصال البحر والسماء.. البرتقالي: حنين الذات الى ما يكملها.. وكل البرتقال والليمون والأزهار أنتم.. أما المدرس فيقنع بفتاحة «نيوتن»! أيها الرائعون: أرهفوا السمع لأصداء الكون عساه يتسع لرؤاكم.. «وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما».