يقدّم الكتاب فسيفساء ذاكرة منزل بوزلفة ويجمع بين دفتيه مختلف أصناف هذه الذاكرة كذاكرة التاريخ وذاكرة العمران وذاكرة الحومة وهكذا دواليك... يقول صاحبه على صفحة الغلاف الخلفية «...لئن كان تناول تاريخ منزل بوزلفة من المسائل العسيرة فإن محاولة جمع ذاكرتها أعسر بكثير تبعا لعامل الندرة المرجعية فذاكرة المدينة هي تأصيل لماضيها وتحذير لحاضرها واستشراف لمستقبلها...» ويقول في المقدمة العامة «...يهدف هذا المؤلف إلى جمع هذه الذاكرة المحلية حفاظا على هذا الموروث الذي نعتبره لا محليا فحسب بل تاريخيا وحضاريا أي إنسانيا...». الكتاب إذن غوص في ذاكرة مدينة منزل بوزلفة بمفهومها الشامل وقد تشكل من مقدمة عامة وخمسة محاور وخاتمة عامة وقائمة المصادر والمراجع. المحور الأول بحث في ذاكرة تاريخ المدينة من خلال المواقع الأثرية ومن النقاش والمصادر التاريخية فبيّن أن منزل بوزلفة ليست «سول» القديمة وليست «بكازو» ولا توجد علاقة بينها وبين ميقالوبوليس. المحور الثاني بحث في «ذاكرة العمران» فأبرز خصائص المدينة العمرانية وبين النسيج الداخلي للمدينة ووقف على المميزات الداخلية للدار العربي بها وبيّن أن السوق الأسبوعية من أكبر وأقدم الأسواق الأسبوعية بالوطن القبلي، وتحدث المحور الثاني في نسق ذاكرة العمران عن الفنادق القديمة وعن معاصر الزيتون وعن الزوايا والأضرحة والقبب. أما المحور الثالث فقد دخل ذاكرة الحومة في مدينة منزل بوزلفة وتحدث عن العلاقة بين الحومة والذاكرة وعن الحومة في الذاكرة الفردية والتمثل الاجتماعي وعن الحومة معمارا وهندسة وعن مراحل تشكل مرفولوجية المدينة ثم تطرق المحور بعد ذلك إلى التوزع الجغرافي للحومة وعددها حومة حومة. المحور الرابع اهتم بذاكرة الأرض فتحدث في البدء عن تطور أشغال الأرض الزراعية ثم عن أصل القوارص وأنواعها وإنتاجها وعن منزل بوزلفة مملكة القوارص بالبلاد التونسية وعن تطور المنظومة المائية. أما المحور الخامس والأخير فقد اعتنى بما أسماه مؤلف الكتاب «الذاكرة المتحولة» فدرس التعدد النشاطي والتحول الوظيفي والدينامية المجالية والتوسع المتواصل للمساحة المحضرة واهتم في فقرته الثالثة بتغيّر المنظومة الإنتاجية المحلية.