قافلة الصمود عالقة على أبواب مصر... والرد الرسمي لم يصل بعد    عاجل -مونديال 2026: 13 منتخباً يحجزون مقاعدهم... فمن سبق الجميع؟    وكالة حماية وتهيئة الشريط الساحلي تتطلع الى حماية 15 % من السوحل المهدّدة بالانجراف البحري في افق 2023 - مسؤول بالوكالة    قبلي: انطلاق الايام التحسيسية حول البرنامج الخصوصي للتاهيل الحرفي في الصناعات التقليدية    ''الحريقة'' تغزو الشواطئ التونسية مبكرًا: هل باتت السباحة في خطر؟    ماي الفارط.. ثاني أكثر أشهر ماي حرارة على الإطلاق    اتصالات تونس تحصل على ثلاث شهادات دولية لمركز بيانات قرطاج : ISO 27001 وISO 27701 وISO 9001    ضربة شمس: خطر صيفي يجب الانتباه إليه    الملعب التونسي: خماسي في طريقه للمغادرة .. وإنتدابات قادمة من أجل المشاركة في كأس الكاف    الاتحاد الأوروبي يُدرج موناكو على ''القائمة السوداء'' لتبييض الأموال وتمويل الإرهاب    استشهاد أكثر من 24 فلسطينيا وإصابة العشرات جراء العدوان الصهيوني المتواصل على غزة..    القضاء ينظر في قضية اغتيال محمد الزواري يوم 24 جوان    تزامنا مع مثولها أمام القضاء مجددا: وقفة تضامنية مع عبير موسي..    مفزع/ 110 حرائق خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية..    كأس العالم للأندية : توقيت مباراة الترجي ضد نادي لوس أنجلوس في ناشفيل    البرازيل والإكوادور تتأهلان إلى كأس العالم 2026    المنتخب السنغالي يتغلب وديا على مضيفه الإنقليزي 3-1    اعترفت بتعدد علاقاتها: فتاة ال16 سنة تقتل رضيعها بعد أن عجزت على اثبات نسبه..    وزارة الشؤون الثقافية تنعى المخرج التونسي علي العبيدي    وزارة الشؤون الثقافية تنعى المخرج التونسي علي العبيدي    موعدنا هذا الأربعاء 11 جوان مع "قمر الفراولة"…    جلسة عمل بمقر وزارة التشغيل تتناول مخطط التنمية 2026-2030 والاستعدادات للسنة التكوينية القادمة    هل دخل متحور كورونا الجديد "نيمبوس" الى تونس؟: أستاذ في علم الفيروسات يكشف ويحذر..#خبر_عاجل    "تجاوزت حدودي".. ماسك يعتذر لترامب    انتهاء الدورة الرئيسية لباكالوريا 2025 باختبار اللغة الإنجليزية..وهذا هو موعد الاعلان عن النتائج    اليوم: وصول أول رحلة عودة للحجيج التونسيين من البقاع المقدسة    قرار استثنائي في إسرائيل.. "حظر جوي" فوق زفاف ابن نتنياهو    روسيا تعلن القضاء على وحدة "بابل" الأوكرانية    الندوة الصحفية لمهرجاني دقّة والجم الدوليين .. الأولوية للعروض التونسية... و«رقّوج» ينطلق من دقّة    المدرب ونيس البوزيدي في ذمة الله    الكنزاري يرفع التحدي ويؤكد... لقاء فلامينغو مفتاح العبور    أخبار النادي الإفريقي.. معز حسن يغادر والفراغ الإداري يغذي الاشاعات    عاجل: متحور ''نبياس'' يصل إلى 11% من الإصابات عالميًا... وتونس بلا أي حالة حتى الآن!    المنستير: مواطن يذبح خروفه فوق السور الأثري يوم العيد...    المخرج علي العبيدي في ذمة الله    طقس اليوم: رياح ضعيفة والحرارة تصل إلى 40 درجة مع ظهور الشهيلي محليا    تطوير القطاع الصيدلي محور لقاء وزير الصحة بوفد عن عمادة الصيادلة    توقيع اتفاقية شراكة بين وزارة الصحة وعدد من الجمعيات الفاعلة في مجال السيدا والإدمان    حاكم كاليفورنيا: ترامب يفرض حصارا عسكريا على لوس أنجلوس    تقدّم موسم تجميع صابة الحبوب: 1573.84 ألف قنطار إلى غاية 9 جوان 2025    طقس الأربعاء: انخفاض طفيف في درجات الحرارة    أريانة: انطلاق موسم الحصاد وسط تقديرات بإنتاج حوالي 220 ألف قنطار من الحبوب    عاجل/ من بينهم أستاذة : الاحتفاظ ب 6 أشخاص إثر تورطهم في الغش في الباكالوريا    استهلك تونسي...وزارة التجارة تنتفض ضد مؤسسات «المحتكرين»: 45 ألف مخالفة اقتصادية في خمسة أشهر    الحمامات: وفاة ستّيني دهسا بمحطة بنزين    وزير الفلاحة: تزايد الإعتماد على التوريد الخارجي للحبوب مازال يشكل تحديا كبيرا لتونس    ليالي الجم ودقة: عروض فنية دولية وتكريمات ثقافية في صيف 2025    المهرجان الدولي لفنون السيرك وفنون الشارع في دورته الثامنة يزور 10 ولايات من 12 إلى 29 جوان 2025    سيتكومات زمان: علاش ''عند عزيز'' ''لوتيل'' ، ''شوفلي حل'' و''دار الخلاعة'' مازالو مِتربعين على عرش الوطنية؟    960 حالة تسمم و 60 بؤرة في 2024: السلامة الغذائية في تونس تحت المجهر!    التصفيات الأوروبية المؤهلة لكأس العالم 2026: فوز إيطاليا على مولدافيا 2-0    البريد التونسي يصدر 4 طوابع بريدية احتفاءا بحرفتي الجلد والخشب..    طواف الوداع: وداعٌ مهيب للحجيج في ختام مناسك الحج    عاجل/ فاجعة بهذه الجهة…وهذه حصيلة القتلى والجرحى..    شركات التأمين''تدفع'' نصف مليار دينار للتوانسة في 3 شهور!    أولا وأخيرا: عصفور المرزوقي    في آخر أيام الحج.. ضيوف الرحمان يرمون الجمرات الثلاث    عاجل : موسم حج 1446ه آخر موسم صيفي ...تفاصيل لا تفوّتها    









الزوج يتّهم والإدارة تحقّق: ما سرّ وفاة عروس داخل مستشفى القيروان
نشر في الشروق يوم 23 - 09 - 2010

يدخل غرفتها المضاءة ثم يلقي التحية بصوت خافت كمن يريد الحفاظ على سكينة مكان مقدس. وعلى فراشها المسجى بلون فستان زفاها الأبيض نشر صورها يتأملها بعين برق دمعها من طرف خفي. وعندما تحاصره الذكريات يغادر المنزل الكئيب هائما على وجهه بين مكاتب ادارة المستشفى وعندما تحاصره الوحدة يلوذ بقبرها بمدينة القصرين خالي الذهن من تفاصيل الحياة رغم بعد المسافات.
وعلى رصيف احد المقاهي جلس الى بعض أصدقائه يحدثهم عن تفاصيل وفاتها يوم العيد وظروف إقامتها بالمستشفى ثم لا يمسك ان يحدثهم عن عروسه وفضائلها وخلقها ومكانتها في نفسه وعن وحدته ومعاناته.
هذه بعض مشاهد من حياة السيد كمال الخياري اليومية التي أصبح عليها اثر وفاة عروسه زينة البنهيسي (30 سنة) فجأة داخل مستشفى ابن الجزار بالقيروان أثناء إقامتها نتيجة ارتفاع في درجة حرارة جسمها.
جدت الواقعة يوم عيد الفطر لكن أسباب الوفاة لا تزال غامضة بالنسبة إلى زوج الهالكة وأسرتها الذين تقدموا بشكوى الى إدارة المستشفى ووزارة الإشراف يزعمون فيها تعرض ابنتهم للإهمال وسوء العناية آملين التعرف الى أسباب الوفاة وتحديد المسؤوليات.
وحسب رواية الزوج فإن العروس (زينة) ارتفعت حرارة جسمها مؤخرا فنقلها الى قسم الاستعجالي لتلقي العلاج لكن حالتها الصحية لم تشهد تحسنا رغم تقديم وصفات العلاج مما اضطر الاطار الطبي الى قبولها بالمستشفى والإشراف على علاجها بما توفر من امكانات، ورغم ذلك ساءت الحالة الصحية للعروس بشكل كبير مما ادى الى وفاتها داخل احد أقسام المستشفى.
وفاة العروس مثلت صدمة لزوجها وأسرتها الذين استغربوا وفاة قريبتهم قبل ان يتقدموا بشكايات الى الجهات المعنية زاعمين فيها تعرض الزوجة الشابة للإهمال ونقص العناية الطبية مما أدى الى وفاتها حسب زعمهم. وقد تولت ادارة المستشفى والجهات المعنية فتح تحقيق في ملابسات الوفاة.
«الشروق» سعت الى استجلاء تفاصيل وملابسات وفاة العروس واستمعت الى مزاعم الزوج وتشكياته من غياب المتابعة الصحية التي نتجت عنها الوفاة كما استمعت الى ردود ادارة المستشفى حول الموضوع.
منذ وفاة عروسه اصبح السيد كمال الخياري(39 سنة) وحيدا هائما يسير على غير هدى. زهد العمل واصبح كثير التجوال من مكان الى آخر يروم نسيان الحادثة تارة ويزور قبر زوجته طورا آخر ومنكرا وفاتها أحيانا كثيرة.
يخرج مضمون ولادتها (نعم مضمون الولادة استخرجه بعد وفاتها) ويضم صور زفافهما يقلبها بأصابع راجفة يتأملها بعين برقت عبراتها محدثا عن سيرتها وفضلها وخلقها معه. اما عندما يحدثك عن تفاصيل وفاتها فلا تملك إلا الإنصات الى روايته والانتباه الى بحة صوته.
قبل اشهر جمع القدر بينهما بالرباط المقدس. زواجه منها كان فاتحة خير له وعلى أمل ان يرزقا بطفل شرع السيد كمال الخياري وزوجته في اجراء الفحوصات والتحاليل. أمام دخله المتواضع فقد سعت رفيقة حياته الى مساعدته بالعمل في احد المعامل فكانت حياتهما هادئة رغم بساطة الامكانات.
حرارة في الجسم
فجأة تنقلب حياة الاسرة الصغيرة رأسا على عقب وتتسارع الاحداث وترتفع حركاتها مع ارتفاع درجة حرارة الزوجة في احد ايام رمضان وتحديدا يوم 2 سبتمبر لاحظت العروس زينة ان حرارة جسمها مرتفعة فطلبت من زوجها نقلها الى قسم الاستعجالي...ومن هنا بدأت الحكاية.
وذكر كمال انه عندما رافق زوجته الى قسم الإستعجالي بمستشفى ابن الجزار بالقيروان لتلقي العلاج، تم تحرير وصفة طبية لها وتمكينها من مصل مضاد للحرارة (اشتراه الزوج) ثم سمح لها بالعودة الى المنزل على امل التماثل للشفاء بشكل تدريجي. لكن هذه الحالة تكررت في الايام التالية بشكل متواصل وتتكرر الوصفة ويسند اليها نفس الدواء لكن حرارة الزوجة لا تنخفض رغم اقتناء الزوج للادوية التي يتم وصفها من قبل طبيب الاستعجالي.
لم يكن من الصعب عليه رواية تفاصيل الحادثة بمنتهى الدقة والتفصيل. نبرات صوته توهم سامعه بصموده لكن ايقاع كلماته سرعان ما يتسارع وهو يؤكد انه في المرات الثلاث المتواصلة التي نقلها الى الاستعجالي طلب من الاطار الطبي ان يتم الاحتفاظ بها بالمستشفى لتلقي العلاج اللازم مستظهرا ببطاقة انخراطه في «الكنام».
لكن يبدو ان الاطار الطبي الذي يعرف ما يجب ان يفعل قرر السماح للسيدة بالعودة الى المنزل على امل التعافي. وذكر كمال ان احدى الممرضات طلبت منه ان يعالجها بماء العطرشاء و«الفليو» والماء البارد حتى تنخفض حرارتها مؤكدة له انه امر بسيط.
إقامة وعلاج بالأمصال
لكن يوم 5 سبتمبر كان يوما مخالفا. ليس في انخفاض درجة حرارة الزوجة وانما في قرار الاطار الطبي الذي قرر الاحتفاظ بها بأحد أقسام المستشفى بسبب تعكر حالتها وبعد أن تأكد احد الاطباء الذي اجرى لها التحاليل، من ان حالتها تستوجب تدخلا عاجلا. تم وضعها تحت العناية الطبية لكن دون متابعة طبية حسب تأكيد الزوج الذي ذكر ان الممرض الذي اشرف على علاج زوجته طلب منه جلب قارورة مصل مضاد للحرارة فنفذ الطلب الذي تكرر اكثر من مرة على امل أن تنخفض حرارة جسم زوجته. ويقول «كنت اشتري الأمصال بشكل متواصل لكنني لم ار اي طبيب يفحصها وكلما سألت عنه يقولون لي انه في منزله ولا يمكن دعوته».
قضت زينة أسبوعا في المستشفى تتلقى فيه المصل المضاد للحرارة الذي يشتريه الزوج في كل مرة يطلب منه. وكان يتردد على زيارتها بالليل والنهار دون ان يلحظ اي تحسن في حالتها ولا اي انخفاض في حرارتها.
لماذا استغاثت وقالت أخرجوني !
«كانت تضرب بالملعقة لتنادي الممرضة كي تغير لها المصل الذي نفذ لكن لا حياة لمن تنادي» هكذا وجد كمال زوجته يوم 12 سبتمبر الموافق لليوم الثاني من عيد الفطر. وذكر كمال ان زوجته طلبت منه هذه الليلة ان يخرجها من المستشفى لانهم أهملوها حسب زعمه.
لم تتحسن حالة زينة وتواصل انتفاخ بطنها وجسمها وارتفاع حرارتها. وذكر كمال انه رغب في اخراج زوجته من المستشفى لكن تم رفض السماح له باخراجها.
يمرر اصابعه على هاتفه الجوال كأنما يستنطقه مؤكدا انه اتصل مباشرة بالطبيب الذي اجرى بعض التحاليل على زوجته (اخصائي) لكنه لم يرد على مكالماته.
وذكر كمال انه بمجرد حضوره، ومعاينته لصحة زوجته، فوجئ الطبيب بتعكر حالتها بذلك الشكل الذي لا يمكن ان يشعر به الا من كان في مثل وضع العروس زينة ممددا على فراش المرض ينتظر ملاك رحمة.
وذكر كمال انه بمجرد حضور الطبيب شهدت غرفة زوجته حركية كبرى وسمع عدة استفهامات على لسان الطبيب الذي استغرب تعكر صحة زينة ثم دبت حركة سريعة وعلت الأصوات وطلب الدواء والأدوات كما تم إخراج الزوج من غرفة علاج الزوجة المريضة وهو يستفسر دون جدوى.
الأمر عند أولي الأمر
«مرت اللحظات ثقيلة مريرة وأنا اسأل من يعترضني عن صحة زوجتي»، هكذا جن جنون الزوج بسبب جهله ما يحدث لكنه ذهل عندما شاهد زوجته مسجاة بلحاف ابيض قبل ان يتم اخباره بوفاتها. وذكر كمال انه اغمي عليه جراء صدمة اخباره بوفاة زوجته ولم يفق الا وهو في المنزل.
«عندما طلبت منهم السماح لي باخراجها من المستشفى لاعالجها على حسابي الخاص رفضوا وقالوا لي انتظر حتى يأتي الطبيب...لكن عندما توفيت طلبوا مني الاسراع باخراجها» وذلك على خلاف رفضهم السماح له قبل وفاتها رغم تمسكه باخراجها. هذه المفارقة أثارت انتباه الزوج كمال مما جعله يتقدم بشكوى الى ادارة المستشفى مبررا ذلك بقوله «هذا ليس قضاء وقدرا. لقد حدث تقصير في معالجتها. أريد ان يصل الامر الى أولي الامر لقد عانت من الاهمال ونقص الرعاية الطبية بالمستشفى» يؤكد زوج الهالكة انه كان شاهدا على ذلك طيلة إقامتها بالمستشفى.
الإدارة على الخط
وحال تلقيها شكوى رسمية من زوج الهالكة، تعهدت ادارة مستشفى ابن الجزار بالقيروان بالتحقيق في أسباب وفاة الزوجة الشابة للنظر في دواعي تشكيك الزوج وادعائه لتعرض زوجته للإهمال بقسم الطب بمستشفى ابن الجزار. وذكر مصدر بالادارة المذكورة انه تم قبول الشكاية وتم على ضوئها إحداث لجنة طبية ومتفقد طبي ستتولى التحقيق مع جميع الاطراف التي عالجت المراة من الاستعجالي الى القسم الذي توفيت داخله وذلك قصد رفع اللبس حول الأسباب الحقيقية للوفاة.
كما ينتظر ان يدخل القضاء على الخط للتحقيق في الموضوع خاصة وانه تم دفن المرأة دون عرضها على الطبيب الشرعي حسب ما ينص عليه القانون.
هذا ويعد مستشفى ابن الجزار نسبة الى الطبيب القيرواني احمد ابن الجزار من اعرق المؤسسات الصحية بالجهة والتي تتوفر على تجهيزات طبية ضخمة وكفاءات طبية واختصاصات تفتح على التساؤل كيف قضت تلك المرأة نحبها رغم تواجدها بالمستشفى المجهز والمدجج بالخبرات. ربما سيمكن التحقيق من تقديم إجابات لأسئلة الزوج كمال الحائرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.