الأسبوعي- القسم القضائي قبل لحظات كان الطفل سيف الدين يملأ منزل والديه بسوسة سعادة وهو يلهو ببراءته رفقة إخوته... يرقص على إيقاعات الطفولة خالي الذهن من كل ما من شأنه أن يعكّر صفو هذه الأجواء... ولكن فجأة تحوّلت هذه السعادة إلى وجع وحزن وألم بعد الرحيل المفاجئ والغامض والأليم للطفل سيف الدين سعد (من مواليد 24 فيفري 2000) الذي كان يزاول دراسته بمدرسة صلاح الدين الأيوبي بسوسة حيث تحصّل على نتائج جدّ ممتازة وكان يستعدّ للعودة المدرسيّة ولكن شاءت الأقدار أن يغيب هذه السنة عن المدرسة وعن القسم وعن مقعده وعن أصدقائه وعن أقاربه وعن... ماما وبابا... سيف الدين شعر بألم في فخذه فاصطحبه والده إلى مؤسسة صحية بسوسة ومنها إلى مؤسسة أخرى بالجهة للتداوي غير أن حالة الطفل تعكّرت إلى أن فارق الحياة قبل أيام قليلة.
والد الطفل سارع إلى رفع شكاية لدى وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بسوسة يتهم فيها طبيب الاستمرار بقسم العظام بالمستشفى الجامعي سهلول بالتهاون والإهمال ما أدى إلى تدهور حالة سيف الدين ووفاته بعد أيام من الصراع مع الآلام والموت... فماذا جرى؟ كيف توفي سيف الدين؟ هل كان بالإمكان إنقاذ حياته؟ «الأسبوعي» وبحثا عن إجابات مقنعة اتّصلت بالسيد محمد سعد (والد الطفل) وتحصلت على المعطيات التالية: أوجاع عادية «خلال أحد الأيام الماضية أعلمني ابني سيف الدين (تلميذ بالسنة الثالثة أساسي) بأنه يشعر بأوجاع في الفخذ فاعتقدت أن المسألة قد تكون مرتبطة بتوجهه إلى البحر رفقة إخوته قبل يوم واللعب على الشاطئ والوقوع أرضا أثناء اللهو ولكن في اليوم الموالي» -يتابع محدثنا- «ارتفعت درجة حرارة جسم سيف الدين ورافق هذا الارتفاع في الحرارة تقيأ واشتدّت الأوجاع على مستوى فخذ إحدى ساقيه حتى أنه لم يعد قادرا علي المشي فسارعت بنقله إلى المستشفى الجامعي فرحات حشاد بسوسة». بداية المتاعب من هنا بدأت متاعب الطفل والأب فطبيب قسم الاستعجالي بمستشفى فرحات حشاد لم يطلب أية تحاليل أو صور بالأشعة وحرّر دواءين لسيف الدين هما «أنالفون» و«فرونتراميل» الذي يوصف للمصابين بتمزق عضلي. عاد الأب وابنه إلى المنزل ولكن حالة الطفل الصحية ساءت فتمّ نقله في اليوم الموالي إلى طبيبة صحة عمومية فوصفت للطفل دواءين هما «أنالفون» و«أنفلامين» الذي يوصف للمصابين بالتهاب وطلبت إعادته للمراقبة بعد ثلاثة أيام. طبيبان ودواءان مختلفان! «كل هذه الأدوية لم تنفع في علاج سيف الدين) -يتابع الوالد المكلوم- «فقد تدهورت حالته الصحية ليلا وأمام هذه التطوّرات السلبية اصطحبته إلى قسم استعجالي طب الأطفال بمستشفى فرحات حشاد فحرّر الطبيب المباشر -إثر الاطلاع على نتائج بعض التحاليل- رسالة توجهت بها إلى قسم استعجالي العظام بالمستشفى الجامعي سهلول وبوصولنا قام الطبيب المباشر بفحص ابني وإجراء بعض التحاليل له وكشف بالصدى وحرّر لي رسالة لإقامة سيف الدين بقسم الاستعجالي». المنعرج «كانت الساعة تشير إلى الثانية فجرا عندما اصطحبت ابني نحو قسم العظام بمستشفى سهلول» -يواصل السيد محمد سعد سرد الوقائع الأليمة لوفاة ابنه بالقول- «التقينا بطبيب الاستمرار غير أنه رفض إقامة ابني بالقسم دون أن يفحصه أو حتى يتلمّسه أو يطّلع على نتائج الكشوفات والتحاليل والفحوصات السابقة فعدنا إلى طبيب قسم الاستعجالي ولكن دون جدوى... فعدت في حدود الرابعة صباحا إلى البيت وحالة ابني تزداد سوءا وفي حدود الساعة السادسة والنصف اصطحبته مجدّدا إلى مستشفى فرحات حشاد حيث فحصه أحد الأطباء الذي اتصل بمستشفى سهلول وتلقى الضوء الأخضر لاستقبال سيف الدين ولكن...». الوفاة...! «لقد تبيّن أن ابني ساءت حالته الصحية بعد إصابته بتسمّم جرثومي عام لم يتمّ التفطن إلى المرض منذ البداية» -يتابع الأب- «احتفظ بسيف الدين بقسم انعاش طب الأطفال بسهلول ولكن بعد نحو يومين فارق ابني الحياة» تاركا الألم والوجع في نفوس الجميع. قضية عدلية وذكر محدثنا أن المستشفى رفض تسليمه الملف الصحي لابنه «وأمام هذه التطوّرات تقدم والد الطفل بشكاية لدى وكيل الجمهورية يتهم فيها طبيب الاستمرار بقسم العظام بالمستشفى الجامعي سهلول بالتهاون والإهمال، ومن المنتظر أن يتم سماع أقوال الطبيب لتحديد المسؤوليات.