قوات الاحتلال الصهيوني حتى وإن تحررت مزارع شبعا كآخر أراضي لبنانية محتلة فإنها لا يمكن أن تترك لبنان وشأنه... ذلك أن الخارطة الجغرافية كما السياسية لفلسطينالمحتلة ولبنان تقتضي ترابطا في المصير من حيث وحدة القضية والعدو... القوات الاسرائيلية المحتلة أقدمت أمس الأول على اطلاق النار (رشّاشات) باتجاه منطقة مزارع شبعا الجنوبية... وهي بذلك تتحدى كل ما وقع الاتفاق حوله بين الأممالمتحدة وبقية الأطراف المعنية من هدنة... كما أن تحرّكات عسكرية لوحدات الاحتلال الاسرائيلي رافقت هذه التطورات وقوة الاحتلال لا تعبأ لتبعات ما أقدمت عليه... والحقيقة تبقى الحدود الجنوبية للبنان غير آمنة على الاطلاق طالما بقي الاحتلال في فلسطين... لبنان هو عمق الأراضي الفلسطينية والعكس صحيح، ولعل ملف الاحتلال في فلسطين سنة 1948 أثقل العلاقة بملف اللاجئين حيث تشير الاحصائيات الى أن مخيمات اللاجئين الفلسطينيين تضم أكبر عدد منهم ذلك أن إبان حدوث النكبة كانت الموجات الأولى للمهجّرين الفلسطينيين الذين أخرجوا قسرا من قراهم ومدنهم في فلسطين وقع توجيههم الى لبنان... جنوب لبنان الذي احتضن المقاومة الفلسطينية منذ قرار القمة العربية سنة 1969 بدا جزءا من المعادلة في المنطقة فإضافة الى الهدف التحريري الذي تشبّعت به منطقة جنوب لبنان لفائدة فلسطين فهي منطقة متاخمة لفلسطينالمحتلة وبالتالي فإن الكيان الصهيوني لا يمكن له ان يغمض عينا ويهنأ له بال، لأنه يعي جيدا أن اتفاقية سلام على شاكلة ما هو مطروح وما أُنجز مع أطراف عربية من قبل لن يتم له في لبنان... ولعل اتفاق «17 آيار» الشهير (17 جانفي) مازال ماثلا للعيان حيث أسقطته القوى المقاومة في المهد... التحركات العسكرية الاسرائيلية لن تهدأ على الجبهة اللبنانية لأن «اسرائيل» لا يمكن أن تنسى أن المقاومة هي التي جعلتها تهرب قوات عسكرية من جنوب لبنان... ذات ليل... لكن هذه التحركات التي تنبئ دون شك برائحة حرب جديدة سوف تقدم عليها اسرائيل، إن هي تمكّنت من آخر سلاح المقاومة في فلسطين تبقى بلا عقاب ولا ردع... ذلك أن المجتمع الدولي كشف أنه أجبن من أن يشير مجرّد إشارة بالبنان الى جرائم «إسرائيل» واعتدائها المتواصل على القانون الدولي.. والشرعية الدولية...