بقلم فاطمة بن عبد الله الكرّاي لأنه كان صادقا... ازداد ألمه لحال الأمة... ولأنه آمن بالفعل، أن الأمة بإمكانها أن تنهض... كابد الآلام والأوجاع... من أجل وقفة عزّ... أسّس لها... «ارفع رأسك يا أخي» كان نداؤه وشعاره الذي حثّ الناس من المحيط الى الخليج على محاربة الظلم... جمال عبد الناصر، فارقنا في مثل هذا اليوم... منذ أربعين عاما... الى آخر لحظات حياته... كان موجوعا بوضع الأمة... ولم يستسلم إلا متى انتقل الى الرفيق الأعلى... «ارفع رأسك يا أخي» فقد ولى عهد الظلم والهيمنة والاستعمار... ترجل الفارس... خطوات... فالقلب لم يعد يقدر على مواجهة الوجع... وجع أمة كلما رأب الصدع بين حكّامها الا وجاءت عبد الناصر معضلة أخرى أشد فتنة بينهم من الأولى... «ارفع رأسك يا أخي» رفعه شعارا وضمّنه كل معاني العزّة والكرامة... رفعه في وجه الظّلم... وفي وجه الغطرسة... ومن أجل المظلومين والمسحوقين من أبناء الأمة... جعل من «ثورة يوليو» 1952، نبراسا لبقية شعوب العالم الثالث من أفارقة وآسيويين ومن أبناء أمريكا اللاتينية كذلك... ترجّل «الرّيس» الذي يذكره اليوم الكبار والصغار... فقد انقلب مجرى التاريخ بمجرد غياب شمس يوم 28 سبتمبر 1970... أربعون سنة مرت على وفاته ومازال عبد الناصر حيّا في قلوب العرب والأفارقة... وبقية المناضلين عبر العالم... حتى «هوغو شافيز» رئيس فنزويلا قال ذات يوم من السنة قبل الفارطة وأمام الملإ انه ناصريّ... وسوف يسجّل التاريخ ان عبد الناصر لم يكن رئيسا أو زعيم ثورة فقط، بل كان «منظّرا» لواقع جديد يرفض الاستكانة للاستعمار... او الخضوع الى شروطه... سوف يؤسس عبد الناصر لمدرسة «التأميم» حين ضرب مصالح الامبريالية والاستعمار في «قناة السويس»... فأمّمها شركة مصرية وطنية... فكان الفزع والهول في صفوف الاستعماريين الذين سيطروا لقرون على منافذ التجارة العالمية وشريانها الأساسي : قناة السويس... في مثل هذا التوقيت والأمة تراوح مكانها في قلب نفق مظلم... نتذكر عبد الناصر «صوت العرب»... وعبد الناصر المؤمن بفعل عربي ايجابي... «ارفع رأسك يا أخي» قالها ناصر لكل العرب... دون استثناء... مؤمنا بأن الأمة قادرة على الوقوف ثانية من كبوتها التي طالت من سقوط غرناطة... اليوم وبعد أربعين عاما على وفاته يبقى «عبد الناصر» رمز العزة والكرامة العربية... ويبقى رمزا يرفض التفريط في جزء من الحق... بعد أربعين عاما مازلنا نردد: «في الليلة الظلماء... يفتقد البدر»... إذ لم يبلغ حال الأمة وحالنا... ظلمة أشدّ من هذه التي نمرّ بها... ولو كان حيا... لقتله وجع الأمة ثانية...