خصصت وزارة الثقافة والشباب والترفيه 600 ألف دينار لبرمجة عروض مسرحية في قطاعي الهواة والاحتراف في المهرجانات الصيفية حتى تحقق التوازن وتمكن المسرحيين من فرص عمل خلال فصل الصيف الذي تقبل فيه هيئات المهرجانات على برمجة العروض التنشيطية والموسيقية أكثر من العروض المسرحية التي أصبحت سوقها الوحيدة تقريبا هي الوزارة التي تنتج المسرح وتسوّقه أيضا اذ تصل التكلفة الجملية للدعم المسرحي انتاجا وترويجا الى حوالي مليارين كل عام تدفعها الوزارة لهياكل الإنتاج المسرحي ولجمعيات الهواة. أمام هذا السخاء من الوزارة ركن أغلب المسرحيين إلى الحل الأسهل وهو دعم العروض خاصة أمام امتناع المهرجانات عن قبول برمجة عروض مسرحية لأنها «كبي» و»ماتضحكش» ولم تجد الوزارة حلا غير الانفاق على التوزيع أيضا في غياب أي طرف آخر يمكن أن يتحمل قليلا من الأعباء المالية وتدريجيا أصبح الدعم هو المسلك الوحيد المتوفر للمسرحيين لتوزيع عروضهم سواء في الموسم الثقافي أو في المهرجانات ولكن إلى أي حد كان هذا الدعم ناجعا؟ نوايا حسنة إن النوايا الحسنة للوزارة وحرصها على دعم المسرح في اعتقادي لم تحقق نتائج ايجابية لأسباب كثيرة منها غياب الفضاءات الصالحة للعروض المسرحية بسبب تقاعس المجالس البلدية عن تخصيص فضاءات صالحة للعروض المسرحية اذ أن بعض المهرجانات تعرض في الطريق العام مثل جرزونة مثلا أو حلق الوادي وحتى بعض المهرجانات الكبرى مثل صفاقس فإن مسرحها غير مهيإ للعروضالمسرحية نتيجة مساحة الركح التي تحتاج الى سينوغرافيا خاصة ولهذه الأسباب أصبح المسرح واجبا ثقيلا على المهرجانات حتى وإن كان خالص الأجر من الوزارة وبابا لا غنى عنه بالنسبة للسرحيين في الصيف رغم الظروف السيئة غالبا للعروض تضاف إلى ذلك نوعية الجمهور الذي فقد تقاليد الفرجة المسرحية في المهرجانات وأمام هذه الحالة انسحب عدد من المسرحيين واعتذروا أو لم يطلبوا عروضا في الصيف مثل نور الدين الورغي وتوفيق الجبالي وعز الدين قنون وفاضل الجعايبي... وما زاد الأمر سوءا هو عدم مراعاة خصوصيات الجهة في برمجة العرض المسرحي كأن تبرمج مسرحيات تجريبية مأخوذة عن يونسكو وبيكيت... في قرى ريفية لا يعرف جمهورها من المسرح إلا الضحك فتكون النتيجة فشلا ذريعا واستياء من الجمهور! النجاعة إن وزارة الثقافة والشباب والترفيه التي لم تبخل على المسرحيين بالدعم مطالبة بفتح حوار جدي وتنظيم استشارة لِمَ لا في الأوساط المسرحية للبحث عن الحلول الكفيلة لتجاوز هذا الإشكال ومنها التخلي عن عروض الصيف وفسح المجال للمبادرة الذاتية بتنظيم سلاسل بثلاثة عروض منها عرض مدعوم وهي صيغة قديمة ألغيت في مختلف الفضاءات الصالحة للعروض المسرحية وتربح بذلك عصفورين بحجر واحد... عودة التقاليد المسرحية بتنظيم نهايات أسابيع مسرحية في مختلف الجهات وتوفير سوق توزيع ناجعة للمسرحيين وللجمهور بهذا يكون الدعم المسرحي في مستوى التوزيع أكثر نجاعة ومردودية فهل تعيد الوزارة النظر في هذا الملف؟